وفي الخامس والعشرين منه صعِد أهل بغداد السُّوَر بالسّلاح، وجاء العدوّ ومعهم السّلالم، وهمّوا بطمّ الخندق، فخرج النّاس واقتتلوا.
وفي التّاسع والعشرين منه نادوا: اليوم يوم الحرب العظيم، فلا يتأخَّرنَّ أحدٌ، فخرج النّاس ولم يجر قتال.
وبعث مُحَمَّد شاه إلى علي كَوْجَك يعاتبه ويقول: أنت وعدتني بأخْذ بغداد، فبغداد ما حصَّلْت، وخرجت من يدي هَمَذَان، وأخربت بيوتي وبيوت أمرائي. فأنا عازم على المُضِيّ، فشجّعه ونخّاه وقال: نمدّ الجسر، ونعبر، ونطمّ الخندق، وكانوا قد صنعوا غرائر وملئوها ترابا، وننصب هذه السّلالم الطِّوال، ونحمل حملة واحدة، ونأخذ البلد.
ثُمَّ أخذوا يتسلّلون، وقَلَّتْ عليهم الميرة، وهلك منهم خلْق. ثُمَّ استأمن خلْقٌ كثير منهم وخامروا، ودخلوا، وأخبروا بأنَّ القوم على رحيل.
وفي العشرين من ربيع الآخر جرى قتال، وعُطّلت الجمعة إلّا من جامع القصر، وهي الجمعة السّابعة، ووقع الواقع بين مُحَمَّد شاه وبين كَوْجَك. وهو يُطْمِعُه ويهوّن عليه أخْذَ بغداد.
ثُمَّ نصبوا الجسر، وعبر أكثر عسكر مُحَمَّد شاه، وعبر مُحَمَّد شاه من الغَد فِي أصحابه إلى عَشِيَّة، فَلَمّا كان العشاء قطع كوجك الجسر، وقلع الخِيَم، وبعث نقْله طول اللّيل. ثُمَّ أصبح وضرب النّار فِي زواريق الجسر، وأخذ خزانة مُحَمَّد شاه وخزانة وزيره، ورحل [١] . وبقي مُحَمَّد شاه وأصحابه بقيّة يوم الثّلاثاء. ثُمَّ وثب هُوَ وعسكره، فمنع الخليفة العسكر من أن يلحقوه، ونهب أصحاب مُحَمَّد شاه بعض الأعمال، ثُمَّ قال الخليفة: اذهبوا إلى هَمَذَان فكونوا مع ملك شاه. وخلع عليهم، وفرح النّاس بالسّلامة.
[١] الخبر باختصار في: ذيل تاريخ دمشق ٣٣٧ (حوادث سنة ٥٥١ هـ) .