فعصيتموني، فقام إليه شابٌ آدمُ فقال: إنّك واللهِ مَا نهيتَنَا ولكنْ أمرتَنَا ودمَّرتنا، فَلَمَّا كان منها مَا تكرهُ برَّأْتَ نَفْسَكَ ونَحَلْتَنا ذَنْبَك. فقال عليّ: مَا أنت وهذا الكلام قبَّحَكَ الله، واللهِ لقد كَانَتِ الجماعة فكنت فيها خاملًا، فَلَمَّا ظهرت الفتنة نجمت فيها نجوم الماغرة. ثُمَّ قَالَ: للَّه منزلٌ نزله سعد بن مالك وعبد الله بن عمر، واللهِ لئن كان ذَنْبًا إنّه لَصَغيرٌ مغفورٌ، وإنْ كان حَسَنًا إنّه لعظيمٌ مشكور. قلت: مَا أحسنها لولا أنّها مُنْقطعة السَّنَد.
فلمّا تفرَّق الحَكَمَان خطب معاويةُ فقال: مَن كان يريد أن يتكلّم فِي هَذَا الأمر فليُطْلِع إِلَى قرنه فَلَنَحْنُ أحقُّ بهذا الأمر منه ومن أَبِيهِ- يعرِّض بابن عُمَر- قال ابن عُمَر: فحَلَلْتُ حَبْوَتي وَهَمَمْتُ أن أقول: أحق به من قاتلك وأباك على الإسلام. فخشيت أن أقول كلمة تفرق الجمع وَتَسْفِكُ الدَّمَ، فَذَكَرَتْ مَا أعدّ الله فِي الجنان [١] .
قَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: لا أَرَى لَهَا غَيْرَ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ عَمْرٌو لابْنِ عُمَرَ: أَمَا تُرِيدُ أَنْ نُبَايِعَكَ؟ فَهَلْ لك أن تعطى مالا عظيما على أن تَدَعَ هَذَا الأَمْرَ لِمَنْ هُوَ أَحْرَصُ عَلَيْهِ منك.
[١] أخرجه البخاري في المغازي باب غزوة الخندق، وعبد الرزاق في المصنّف ٥/ ٤٦٥ من خبر طويل برقم (٩٧٧٠) .