للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر أبو طَالِب عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد السّميع الهَاشِميّ فِي كتاب «المناقب الْعَبَّاسيَّة» المقتفي، فقال: كانت أيّامه نَضِرة بالعدْل، زَهِرة بفعل الخيرات، وكان على قَدَم من العبادة قبل إفضاء الأمر إليه ومعه.

وكان فِي أوّل عمره متشاغلا بالدِّين، ونسخ [ربعات] [١] وقرأ القرآن إلى أن قال: ولم يُر مع سماحته ولِين جانبه ورأفته بعد المعتصم خليفة فِي شهامته وصرامته وشجاعته، مع ما خُصَّ به من زُهده وورعه وعبادته. ولم تزل جيوشه منصورة حيث يمَّمت.

قال ابن الْجَوْزِيّ [٢] : مات بالتَّرَاقي، وقيل: دُمّل فِي عُنُقه، فتُوُفّي ليلة الأحد ثاني ربيع الأوّل، عن ستٍّ وستِّين سنة [إلّا] [٣] ثمانيةٍ وعشرين يَوْمًا.

قال: ومن العجائب أنّهُ وافق أَبَاهُ فِي علَّة التّراقي، وماتا جميعا فِي ربيع الأوّل.

وتقدَّم موت شاه مُحَمَّد على موت المقتفي بثلاثة أشهر، وكذلك المستظهر مات قبله السّلطان محمد بن ملك شاه بثلاثة أشهر. ومات المقتفي بعد الغَرَق بسنة، وكذلك القائم مات بعد الغرق بسنة [٤] .

وكان من سلاطين دولته السّلطان سَنْجَر صاحب خُرَاسَان، والسّلطان نور الدِّين صاحب الشَّام.

واستوزر عَوْنَ الدِّين يحيى بْن هُبَيْرة. وكان هُوَ الَّذِي قام بحشمة الدّولة العبّاسيَّة، وقطع عَنْهَا أطماع الملوك السّلجوقيّة وغيرهم من المتغلّبين. ومن


[١] في الأصل بياض.
[٢] في المنتظم ١٠/ ١٩٧ (١٨/ ١٤٤) .
[٣] في الأصل: «ست وستين سنة وثمانية» . والتصويب من (المنتظم) .
[٤] زاد ابن الجوزي: قال لنا عفيف الناسخ- وكان رجلا صالحا-: رأيت في المنام قبل دخول سنة خمس وخمسين قائلا يقول: إذا اجتمعت ثلاث خاءات كان آخر خلافته. قلت: خلافة من؟ قال: خلافة المقتفي. قلت: ما معنى اجتماع الخاءات؟ قال: سنة خمس وخمسين وخمسمائة.