للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: كان أصابه سبْيٌ، فبيع بمكة، فاشترته أمُّ سِباع بِنْت أنمار الخُزَاعية من حُلفاء بني زُهْرَةَ، ويقال: كَانَتْ خَتَّانة بمكة، أسلم قبل دخول دار الأرقم، وكان من المستضعفين بمكة الذين عُذِّبُوا فِي الله [١] .

وقال أَبُو إسحاق السبيعي، عن أبي ليلى الكندي قال: جاء خَبَّاب إِلَى عُمَر فقال: أدْنِهِ، فَمَا أحدٌ أحقُّ بهذا المجلس منك إلّا عمّار بْن ياسر، قَالَ: فجعل خَبَّاب يُرِيه آثارًا فِي ظهره ممّا عذبه المشركون [٢] .

وقال مُجالد، عن الشَّعْبِيّ: دخل خَبَّاب بْن الأرتّ على عُمَر، فأجلسه على مُتَّكَئه وقال: مَا على الأرض أحدٌ أحق بهذا المجلس من هَذَا، إلّا رجلٌ واحدٌ وهو بلال، فقال: مَا هُوَ بأحقّ به منّي، إنّه كان من المشركين من يمنعه، ولم يكن لي أحدٌ يمنعني، لقد رأيتُني يومًا أخذوني وأوقدوا لي نارًا، ثمّ سلقوني فيها، ثُمَّ وضع رَجُل رِجْلَه على صدري، فَمَا اتقيتُ الأرضّ إلّا بظهري، قَالَ: ثمّ كشف عن ظهره، فإذا هُوَ قد بَرِص [٣] .

وَقَالَ حَارِثَةُ بْنُ مُضَرِّبٍ: دَخَلْتُ عَلَى خَبَّابٍ وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعَ كَيَّات، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَوْلَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَمَنَّى الْمَوْتَ» لَأَلْفَانِي قَدْ تَمَنَّيْتُهُ، قَالَ: وَقَدْ أُتِيَ بِكَفَنِهِ قَبَاطيّ، فبكى، ثُمَّ قَالَ: لكنَّ حمزةَ عَمّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّن فِي بُرْدَةٍ، إذا مُدَّتْ على قَدَمْيه قَلُصَت عن رأسه، وَإِذَا مُدَّتْ على رأسه قَلُصَت عن قَدَمْيه، ولقد رأيتني مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أمِلك دينارًا ولا دِرْهمًا، وإنّ فِي ناحية بيتي فِي تابوتي لَأربعين ألف وَافٍ، ولقد خشيتُ أن تكون عُجِّلَتْ لنا طيّباتنا في حياتنا الدّنيا [٤] .


[١] طبقات ابن سعد ٣/ ١٦٤ و ١٦٥.
[٢] طبقات ابن سعد ٣/ ١٦٥.
[٣] طبقات ابن سعد ٣/ ١٦٥.
[٤] مسند الحميدي ١/ ٨٦ رقم ١٥٨، طبقات ابن سعد ٣/ ١٦٦، حلية الأولياء ١/ ١٤٤، ١٤٥، الزهد لابن المبارك ١٨٣، ١٨٤ رقم ٥٢٢، أسد الغابة ٢/ ٩٩.