للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تاشفين، فإنّهم كانوا يخطبون لبني الْعَبَّاس. ثُمَّ لم يُذكروا إلى الآن، خلا أعوام يسيرة بإفريقية فقط، فإنّه تملَّكها الأمير يحيى بْن غانية ... [١] من جزيرة مَيُورْقَة.

وقال [سِبط] ابن الْجَوْزِيّ فِي «المرآة» [٢] : استولى عَبْد المؤمن على مَرّاكُش، فقتل المقاتلة، ولم يتعرَّض للرّعيّة، وأحضر الذّميَّة وقال: إنَّ المهديّ أمرني أن لا أُقِرّ النّاس إلّا على مِلَّة الإسلام، وأنا مُخَيِّرُكُم بين ثلاث:

إمّا أنْ تُسْلِموا، وإمّا أن تَلْحَقُوا بدار الحرب، وإمّا القَتْل. فأسلم طائفة، ولحِق بدار الحرب آخرون وخرَّب الكنائس وردَّها مساجد، وأبطل الجزية.

وفعل ذلك فِي جميع مملكته. ثُمَّ فرّق فِي النّاس بيت المال وكَنَسَه، وأمر النّاس بالصّلاة فِيه اقتداء بعليّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وليعلم النّاس أنّه لا يُؤثِر جَمْعَ المال. ثُمَّ أقام معالم الإسلام مع السّياسة الكاملة، وقال: مَن ترك الصّلاة ثلاثة أيّام فاقْتُلُوه. وكان يصلّي بالنّاس الصّلوات، ويقرأ كلّ يوم سُبْعًا، ويلبس الصُّوف، ويصوم الإثنين والخميس، ويُقَسِّم الفَيْءَ على الوجه الشّرعيّ، فأحبّه النّاس.

وقال عزيز فِي كتاب «الجمع والبيان» : كان يأخذ الحقّ إذا وجب على ولده، ولم يدع مشركا فِي بلاده، لا يهوديّا، ولا نصرانيّا، ولا كنيسَةً فِي بقعة من بلاده، ولا بيعة، لأنّه من أوّل ولايته كان إذا ملك بلدا إسلاميّا لم يترك ذِميًّا إلّا عرض عليه الإسلام، ومن أبى [٣] قُتِلَ، فجميع أهل مملكته مسلمون لا يخالطهم سواهم.

قال عَبْد الواحد بْن عليّ [٤] : ووَزَرَ لعبد المؤمن أوَلًا عُمَر أرتاج [٥] ، ثُمَّ أحّلهُ عن الوزارة ورفعه عَنْهَا، واستوزر أَبَا جعفر أحمد بن عطيّة الكاتب،


[١] بياض في الأصل.
[٢] مرآة الزمان ٨/ ١٩٥ (حوادث سنة ٥٤٢ هـ) .
[٣] في الأصل: «أبا» .
[٤] في المعجب ٢٩٠.
[٥] في المعجب: «أزتاج» .