قرأت بخطّ ابن الأنْماطيّ الحافظ: حكى لنا أبو الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم قال: كان الشَّيْخ أبو الْعَبَّاس قد أخذ نفسه بتقليل الأكل، بحيث بلغ فِي ذلك إلى الغاية. وكان يَعْجَب ممّن يأكل ثلاثين لُقمة ويقول:
لو أكل النّاس من الضارّ ما أُكل من النّافع ما اعتلّوا.
وحكى لي شجاع أنّ أَبَا الْعَبَّاس وُلِدت له ابنته هند وكبرت، وقرأت عليه بالسَّبع، وقرأت عليه الصّحيحين، وغير ذلك. وكَتَبَت الكثير، وتعلَّمت عليه كثيرا من علوم القرآن، والحديث، وغير ذلك. ولم ينظر إليها قَطّ.
فسألتُ شجاعا أكان ذلك عن قصْد؟ فقال: كان فِي أوّل العُمر اتّفاقا، لأنّه كان يشتغل بالإقراء إلى المغرب، ثُمَّ يدخل إلى بيته وهي فِي مَهْدها، وتمادى الحال إلى أنْ كبرت فصارت عادة. وزوّجها ودخلت بيتها والأمر على ذلك، ولم ينظر إليها قَطّ إلى أن تُوُفّي رحمه اللَّه تعالى [١] .
ومات فِي ربيع الأوّل سنة ستّين. وكان إمام النّاس في الجمعة.
[١] وقال الذهبي- رحمه الله- في (معرفة القراء) : وبلغنا أن الناس بقوا بمصر بلا قاض ثلاثة أشهر في عام ثلاثة وثلاثين وخمسمائة، ثم وقع اختيار الدولة على أبي العباس ابن الحطيئة، فاشترط عليهم أن لا يقضي بمذهبهم، فلم يمكنوه من ذلك إلّا أن يحكم على مذهب الشيعة وولّوا غيره.