للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنفَّذوا إليَّ، فقال لي ولده: لا بُدّ أن تغسّله. فغسّلته، ورفعت يده ليدخل الماء في مَغَابِنِه [١] ، فسقط الخاتم من يده حيث رَأَيْت ذلك الخاتم.

ورأيت آثارا بجسده ووجهه تدلّ على أنّه مسموم. وحملت جنازته إلى جامع القصر، وخرج معه جمْعٌ لم نره لمخلوق قَطّ، وكثُر البكاءُ عليه لِما كان يفعله من البِرّ والعدْل، ورثاه الشُّعراء [٢] .

قلت: وقد روى عن المقتفي تلك الأحاديث المُقْتَفوِية. سمعتها من الأبَرْقُوهيّ [٣] ، عن ابن الجواليقيّ، عَنْهُ.

وقد شرح صَحيحَيّ الْبُخَارِيّ ومسلم فِي عدَّة [٤] مجلَّدات، وسمّاه كتاب «الإفصاح عن معاني الصَّحاح» [٥] . وألّف كتاب «العبادات» [٦] في مذهب أحمد، وأرجوزة في المقصور والممدود، وأخرى فِي عِلْم الخطّ، واختصر «إصلاح المنطق» لابن السّكّيت [٧] .


[١] المغابن: مطاوي البدن مثل الإبط وغيره. واحدها مغبن. بفتح الميم وكسر الباء الموحّدة وسكون الغين المعجمة.
[٢] ومنهم «النميري» كما في ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٢٨٦، وقد تحرّف في المنتظم بطبعتيه إلى «البحتري» ، فقال في مطلع قصيدة:
ألمم على جدث حوى تاج الملوك وقل: سلام واعقر سويد الضمير، فليس يقنعني السوام وقال بعضهم:
مات يحيى ولم نجد بعد يحيى ... ملكا ماجدا به يستعان
وإذا مات من زمان كريم ... مثل يحيى بن يموت الزمان
[٣] الأبرقوهي: بفتح الألف والباء المنقوطة بواحدة وسكون الراء وضم القاف وفي آخرها الهاء هذه النسبة إلى أبرقوه وهي بليدة بنواحي أصبهان على عشرين فرسخا منها. (الأنساب ١/ ١١٥) .
[٤] في سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٣٠: «في عشر مجلّدات» .
[٥] قال العماد الكاتب إنه بذل على حفظه ونسخه أمواله حتى كان في زمانه لا يشتغل إلّا به.
(الخريدة ٢/ ٩٨) .
[٦] في ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٢٥٢ «العبادات الخمس» .
[٧] وقال ابن رجب: وقد صنّف ابن الجوزي كتاب «المقتبس من الفوائد العونية» وذكر فيه الفوائد التي سمعها من الوزير عون الدين، وأشار فيه إلى مقاماته في العلوم. وانتقى من زبد كلامه في «الإفصاح» على الحديث كتابا سمّاه «محض المحض» . (ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٢٥٣) .