للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥- إسماعيل بْن سلطان بْن عَليّ بْن مُقَلّد بْن نَصْر بْن منقذ [١] .

شَرَفُ الدّولة أَبُو الفضل الكِنَانيّ الشّيزريّ، الأمير.

أديب فاضل، وشاعر كامل. كان أبوه صاحب شيزر وابن صاحبها، فلمّا مات أبوه وليها أخوه تاج الدّولة، وأقام هو تحت كنف أخيه إلى أن خرّبتها الزَّلْزَلَة، ومات أخوه وطائفة تحت الرَّدْم. وتوجّه نور الدّين فتسلّمها، وكان إِسْمَاعِيل غائبا عَنْهَا. فانتقل إلى دمشق وسكنها.

وكانت الزّلزلة فِي سنة اثنتين وخمسين. ولمّا سقطت القلعة عَلَى أخيه وأولاده وزوجة أخيه خاتون بِنْت بوري أخت شمس المُلُوك، سلِمَت خاتون وحدها، وأُخرِجت من تحت الرَّدْم. وجاء نور الدّين فطلب منها أن تُعْلِمَهُ بالمال، وهدّدها، فذكَرَتْ لَهُ أنّ الرَّدْم سقط عليها وعليهم، ولا تعلم شيئا [٢] وإنْ كَانَ شيءٌ فهو تحت الرَّدْم.

فلما حضر إِسْمَاعِيل وشاهد ما جرى عمِل:

نزلت عَلَى رغم الزّمان ولو حَوَتْ ... عيناكَ قائمَ سَبْقها لم تنزل


[ () ] أهلها، فقد صحّ عندي أن أهل المعرّة يتقارضون الشهادة، فيشهد بعضهم لصاحبه في ملك ليشهد له ذلك في ملك آخر، فجميع ما في أيديهم بهذا الطريق. قال: فقلت له: اتّق الله، فإنه لا يتصوّر أن يتمالأ أهل بلد على شهادة الزور. فقال: صحّ عندي ذلك. فكتب الكاتب الكتاب ودفعه إليه ليعلّم عليه، وإذا بصبيّ راكب بهيمة على نهر بردي وهو ينشد هذه الأبيات:
اعدلوا ما دام أمركم ... نافذا في النفع والضرر
واحفظوا أيام دولتكم ... إنكم منها على خطر
إنما الدنيا وزينتها ... حسن ما يبقى من الخبر
قال: فاستدار إلى القبلة وسجد واستغفر الله، ثم مزّق الكتاب وتلا قوله تعالى فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ من رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى الله ٢: ٢٧٥. (سورة البقرة، الآية ٢٧٥) .
[١] انظر عن (إسماعيل بن سلطان) في: تاريخ دمشق، وخريدة القصر (قسم شعراء الشام) ١/ ٥٦٤- ٥٦٦، ومعجم الأدباء ٥/ ٢٣٤- ٢٣٧، ومرآة الزمان ٨/ ٢١٨، وفوات الوفيات ١/ ٢٦، والوافي بالوفيات ٩/ ١١٨، ١١٩ رقم ٤٠٣٤، وتهذيب تاريخ دمشق ١/ ٢٥٧- ٢٦٢.
[٢] في الأصل: «شيء» .