للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّلام يَقُولُ: ما نُقِلت إلينا كرامات أحدٍ بالتّواتر إلّا الشَّيْخ عَبْد القادر، فقيل لَهُ هذا مَعَ اعتقاده، فكيف هذا؟ قَالَ: لازمُ المذهب لَيْسَ بمذْهب [١] .

وقال ابن النّجّار فِي ترجمة الشَّيْخ عَبْد القادر: دخل بغداد سنة ثمانٍ وثمانين، وله ثمان عشرة سنة، فقرأ الفقه عَلَى: أَبِي الوفاء بْن عَقِيل، وأبي الْخَطَّاب، وأبي سعد المبارك المُخَرِّميّ، وأبي الْحُسَيْن بْن الفرّاء، حتّى أحكم الأُصُولَ، والفُروع، والخِلاف.

وسمع الحديث، فذكر شيوخه.

قَالَ: وقرأ الأدب عَلَى أَبِي زكريّا التِّبْريزيّ، واشتغل بالوعْظ إلى أن برز فِيهِ. ثمّ لازَم الخُلْوة، والرّياضة، والسّياحة، والمجاهَدَة، والسَّهر، والمُقام فِي الخراب والصّحراء. وصحِب الشَّيْخ حمّادَ الدّبّاس، وأخذ عَنْهُ علم الطّريق. ثمّ إنّ اللَّه تعالى أظهره للخلْق، وأوقع لَهُ الْقَبُولَ العظيم، فعقد مجلس الوعْظ في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. وأظهر اللَّه الحكمةَ عَلَى لسانه.

ثمّ جلس فِي مدرسة شيخه أَبِي سعد للتّدريس والفتوى فِي سنة ثمانٍ وعشرين، وصار يُقصد بالزّيارة والنُّذُور. وصنِّف في الأصول والفُروع، وله كلامٌ عَلَى لسان أهل الطّريقة عالٍ.

روى لنا عَنْهُ ولدُه عَبْد الرّزّاق، وأحمد بْن البَنْدَنيجيّ [٢] ، وابن القُبَّيْطيّ، وغيرهم.

كتب إليَّ عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْحَسَن الْجُبّائيّ [٣] بخطّه قَالَ: قَالَ لي الشّيخ


[ () ] وتوفي فيها سنة ٧٠١ هـ. (انظر ترجمته ومصادرها في كتابنا: موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ق ٢ ج ٣/ ٦٣- ٦٦ رقم ٧٦١) .
و «اليونيني» نسبة إلى يونين، بلدة شمال بعلبكّ.
[١] سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٤٣.
[٢] البندنيجي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر النون وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها الجيم. هذه النسبة إلى بندنيجين وهي بلدة قريبة من بغداد بينهما دون عشرين فرسخا. (الأنساب ٢/ ٣١٣) .
[٣] تحرّفت «الجبّائي» إلى «الجبالي» في (الذيل على طبقات الحنابلة ١/ ٢٩٧) .