للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصّالح للمجالسة، وانثالت عليَّ صلاته، ووجدت بحضرته أعيان أهل الأدب الجليس أَبَا المعالي بْن الحَبَاب، والمُوفَّق بْن الخلّال صاحب ديوان الإنشاء، وأبا الفتح محمود بْن قادوس، والمهذَّب حَسَن بْن الزُّبَيْر. وما من هذه الْجِلَّة أحدٌ إلّا ويضرب في الفضائل النّفسانيّة والرّئاسة الإنسانية بأوفر نصيب.

وأمّا جُلَساؤه من أهل السّيوف فولده مجد الْإِسْلَام، وصهره سيف الدِّين حُسَيْن، وأخوه فارس الْإِسْلَام بدر، وعزّ الدِّين حُسام، وعليّ بْن الزُّبْد [١] ، ويحيى بْن الخيّاط، ورضوان [٢] ، وعلي هَوْشات، ومُحَمَّد بْن شمس الخلافة [٣] .

قلت: وعمل عمارة فِي الصّالح عِدَّة قصائد، وتوجَّه إلى مَكَّة مَعَ الحُجّاج، ثُمَّ ذكر أَنَّهُ قَدِمَ فِي الرّسْليَّة أيضا من أمير مَكَّة [٤] . وذكر أَنَّهُ حضر مجلس الصّالح طلائع، قال [٥] : فكانت تجري بحضرته مسائل ومذاكرات ويأمرني بالخوض فيها، وأنا منعزلٌ عَنْ ذَلِكَ لا أنطق، حَتَّى جرى من بعض الأمراء ذِكْر بعض السَّلَف، فاعتمدت قوله تعالى: فَلا تَقْعُدُوا [٦] مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ٤: ١٤٠ [٧] ونهضْتُ، فأدركني الغلمان، فقلت: حَصَاةٌ يَعْتادُني وَجَعُها. وانقطعتُ ثلاثة أيّامٍ، ورسوله فِي كلّ يومٍ والطّبيب معه.

ثُمَّ ركبت بالنّهار، فوجدته فِي بستانٍ وقلت: إنّي لم يكن بي وَجَعٌ، وإنّما كرهت ما جرى فِي حقّ السَّلَف، فإنْ أمر السُّلطان بقطْع ذَلِكَ حضرت، وإلّا فلا، وكان [لي] [٨] فِي الأرض سعة، وفي الملوك كثرة، فتعجّب من هذا


[١] في الأصل: «الرند» ، والمثبت عن النكت ٣٥.
[٢] هو: رضوان بن جلب راغب، كما في النكت.
[٣] النكت ٣٥.
[٤] النكت العصرية ٤١، ٤٢.
[٥] في النكت العصرية ٤٣، ٤٤.
[٦] في الأصل: «تفقد» .
[٧] سورة النساء، الآية ١٣٩.
[٨] من النكت ٤٤.