للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حرام، فما أبقى سوى الجزْية والخراج، وما يحصل من قسمة الغَلَّات عَلَى قويم المنهاج، وأمرني بكتابة مناشير لجميع أهل البلاد، فكتبت أكثر من ألف منشور، وحَسَبْنا ما تصدَّق بِهِ فِي تِلْكَ الشّهور، فكان ثلاثين ألف دينار [١] .

وكان لَهُ برسم نفقته الخاصَّة فِي كلّ شهرٍ من الجزية ما يبلغ ألفي قِرْطاس، يصرفها فِي كسْوَته ومأكوله، وأُجرة الخياطة، وجامكيَّة طبّاخة، ويستفضل منها ما يتصدَّق بِهِ فِي آخر الشّهر.

وقيل إنّ قيمة كلّ ستّين قرطاسا بدينار [٢] .

وذكر العماد جملة من فضائله.

وقال فِي ترجمته القاضي ابنُ واصل [٣] : حكى مَعِين الدِّين مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن خَالِد بْن مُحَمَّد بْن القَيْسرانيّ قَالَ: انكسر عَلَى ضامن الزّكاة مالٌ، وهُوَ ابن شمّام، فباع أملاكه بثمانية آلاف دينار صوريَّة وحملها، فحُبِس عَلَى ما بقي عَلَيْهِ، وكان جدّي خَالِد هُوَ الوزير والمشير، فقال لنور الدِّين: رَأَيْت البارحة كأنّ المولى قد نزع ثيابه ودفعها إليَّ وقال: اغسِلْها. فأخذتُها وغسّلتها.

فأطرق وسكت، فندِمت وخفْت أن يكون تطيَّر منِّي، فخرجت وأنا ضيّق الصَّدر، فبقيت ثمانية أيّام لم يطلبني، فساء ظنّي، فدخل عَلَى نور الدِّين الشَّيْخ إِسْمَاعِيل المكبس، وكان يحبّه، فقال: يا مولانا قد حضر مَن زاد فِي دار الزّكاة خمسة آلاف دينار فِي السّنة، فانتهره وقال: قد أصبحت عَلَى سجّادتي بعد أداء فريضتي أذكر اللَّه، واستفتحتَ أنت تبشّرني بمُكْسٍ. فوجم الشَّيْخ إِسْمَاعِيل، ثُمَّ قَالَ: اطلبوا خالدا.

قَالَ: فحضرت، فتبسَّم وقال: قد تفسَّر منامك. فقلت: بخير إن شاء


[١] مرآة الزمان ٨/ ٣١٢.
[٢] مرآة الزمان ٨/ ٣١٢.
[٣] في مفرّج الكروب ١/ ٢٦٣.