للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البصائر بنكاية هذا البيت) [١] ، إذ قصده أصحاب الفيل، ووكّلوا إلى اللَّه الأمر، فكان حَسْبُهُم ونِعْم الوكيل» [٢] .

وكان للفرنج مقصدان: أحدهما قلعة أيْلَة [٣] ، والآخر الخوض فِي هذا البحر الَّذِي تجاوره بلادهم من ساحله، وانقسموا فريقين. أمّا الّذين قصدوا أيلة، فإنّهم قدروا أن يمنعوا أهلها من مورد الماء، وأمّا الفريق القاصد سواحلَ الحجاز واليمن، فقدّروا أن يمنعوا طريق الحاجّ عَن حَجه، ويحول بينه وبين فَجه [٤] ، ويأخذ تجّار اليمن، وكارم، وعدن، ويلمّ بسواحل الحجاز فيستبيح، والعياذ باللَّه، المحارم. وكان الأخ سيف الدّين [٥] بمصر قد عُمَر مراكب، وفرّقها على الفريقين [٦] ، وأمرهم [٧] بأن تُطْوَى وراءهم الشُقَّتَين فأمّا السّائرة إلى قلعة أيلة، فإنّها انقضّت على مُرابطي الماء [٨] انقضاضَ الجوارح على بنات الماء، وقذفتها قذف شُهُب السّماء، [٩] فأخذت مراكب العدوّ برمّتها، قتلت أكثر مقاتلتها، [إلَّا من تعلّق [بسعف] [١٠] وما كاد، أو دخل فِي شعب وما عاد، فإنّ العربان اقتصّوا آثارهم، والتزموا إحضارهم.

وأمّا السّائرة إلى بحر الحجاز، فتمادت فِي السّاحل الحجازيّ، فأخذت تُجارًا، وأخافت رفاقا، ودلّها على عورات البلاد من هو أشدّ كفرا ونفاقا.


[١] ما بين القوسين ليس في: شفاء القلوب.
[٢] العبارة في (شفاء القلوب ١٠٣) : «وحرس من فضل الله، كما حرس إذ قصده أصحاب الفيل، ووكّل أهله الأمور إلى الله، فكان حسبهم ونعم الوكيل. ولم يبق من العدوّ مخبرا ولا أثرا» .
[٣] انظر زيادة في البرق الشامي ٢/ ٧٣.
[٤] في مفرّج الكروب ٢/ ١٣٠ «تحه» .
[٥] هو الملك العادل أخو صلاح الدين.
[٦] في البرق ٧٤ «الفرقتين» .
[٧] في الروضتين ٢/ ٣٧، ومفرّج الكروب ٢/ ١٣٠ «وأمرها» . والمثبت عن الأصل، وكذا في أصل البرق الشامي.
[٨] في مفرّج الكروب ٢/ ١٣٠ «على مرابطي منع الماء» .
[٩] في البرق وغيره زيادة: «مسترقي سمع الظلماء» .
[١٠] في الأصل بياض.