للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبُو الفَرَج بْن الحدّاد البغداديّ، الفقيه، الحنبليّ، النّاسخ.

تفقّه على: أَبِي الوفاء بْن عَقِيل، وأبي الْحَسَن بْن الزّاغونيّ، وسمع منهما.

ومن: أَبِي عثمان بْن مَلَّة، وأبي طَالِب اليُوسُفي.

وكان قيّما بالفرائض والحساب، ويفهم الكلام. وأقرأ النّاس، وتخرَّج به جماعة.

وكان مليح الخطّ، نسخ الكثير، وكان ذلك معاشه. وكان يؤمّ بمسجدٍ وهو يقيم فِيهِ [١] .

قال أَبُو الفَرَج بْن الجوزيّ [٢] : ناظَرَ وأفْتى إلَّا أنّه كان يظهر فِي فَلَتَات لسانه ما يدلّ على سوء عقيدته. وكان لَا ينضبط، فكلّ من يجالسه يعثر منه على ذلك [٣] . وكان تارة يميل إلى مذهب الفلاسفة، وتارة يعترض على القَدَر.

دخلتُ عَلَيْهِ يوما وعليه جرب فقال: ينبغي أن يكون هذا على جَمَل لَا عليّ.


[ (-) ] بوفيات الأعلام ٢٣٦، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ٨٨ وفيه: «الذيل ذيّل تاريخ ابن الزعفرانيّ» ، وذيل طبقات الحنابلة ١/ ٣٣٩- ٣٤٣ رقم ١٥٩، والبداية والنهاية ١٢/ ٢٩٨، ٢٩٩، ولسان الميزان ٣/ ١٨٤، وتاريخ ابن سباط ١/ ١٥١، وشذرات الذهب ٤/ ٢٤٥، وكشف الظنون ٢٩٠، ومعجم المؤلفين ٥/ ١٨، وصيد الخاطر ٢٣٩.
[١] وقال ابن رجب: وبرع في الفقه، فروعه وأصوله، وقرأ علم الجدل والكلام، والمنطق والفلسفة والحساب، ومتعلقاته من الفرائض وغيرها. وكتب خطا صحيحا. وقال الشعر المليح، وأفتى وناظر، وانقطع بمسجده بالبدرية شرقي بغداد، يؤمّ الناس فيه: وينسخ ويفتي، ويتردّد إليه الطلبة يقرءون عليه فنون العلم، وبقي على ذلك نحوا من سبعين سنة حتى توفي.
قال ابن النجار: وله مصنّفات حسنة في أصول الدين. وقد جمع تاريخا على السنين، بدأ فيه من وقت وفاة شيخه ابن الزاغوني سنة سبع وعشرين وخمسمائة، مذيّلا به على تاريخ شيخه، ولم يزل يكتب فيه إلى قريب من وقت وفاته، يذكر فيه الحوادث والوفيات، وقد نسخ بخطه كثيرا للناس من سائر الفنون. وكان قوته من أجرة نسخه، ولم يطلب من أحد شيئا ولا سكن مدرسة، ولم يزل قليل الحظ، منكسر الأغراض، متنغّص العيش، مقتّرا عليه أكثر عمره.
[٢] في المنتظم.
[٣] في المنتظم زيادة: «وكان يخبط الاعتقاد وتارة يرمز إلى إنكار بعث الأجسام» .