للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخزائن قد عَفنت، والتصق بعضها فِي بعض، لنداوة الإسكندريّة. وكانوا يستخلصونها بالفأس فتلَفَ أكثرها.

أنبأنا أَحْمَد بْن سلامة الحدّاد، عَن الحافظ عَبْد الغنيّ، أنّ السلَفي أنشدهم لنفسه:

ضلّ المجسّم والمعطّل مثله ... عَن منهج الحقّ المبين ضلالا

وأتى أماثلهم ينكر لَا رعوا ... من مَعْشرٍ قد حاولوا الأشكالا

وعدّوا يقيسون الأمور برأيهم ... ويُدلسون على الوَري الأقوالا

فالأوّلون تعدّوا الحَد الَّذِي ... قد حُد فِي وصف الإله تعالى [١]

وتصوّروه صورة من جنسنا ... جسما، وليس اللَّه عزّ مثالا

والآخرون فعطّلوا ما جاء فِي ... القرآن أقبح بالمقال مقالا

وأبوا حديث المصطفى أنْ يقبلوا ... ورأوه حَشْوًا لَا يفيد منالا

وهي بضعةٌ وعشرون بيتا.

وله قصيدةٌ أخرى نحو من تسعين بيتا، سمّى فِيهَا أئمّة السّنّة، ورءوس البِدعة، أوردتها فِي ترجمته الّتي أفردتها [٢] .

وقال الوجيه عيسى بْن عَبْد العزيز اللّخميّ: تُوُفي الحافظ صبيحة الجمعة خامس ربيع الآخر سنة ستّ وسبعين، وَلَهُ مائة وستّ سنين. ولم يزل يُقرأ عَلَيْهِ الحديث إلى أن غربت الشّمس من ليلة وفاته، وهو يرد على


[١] في الأصل: «تعالا» .
[٢] وأورد القزويني من شعره:
دين الرسول وشرعه أخباره ... وأجلّ علم يقتنى آثاره
من كان مشتغلا بها وينشرها ... بين البريّة لا عفت آثاره
وأيضا:
كم جئت طولا وعرضا ... وجلت أرضا فأرضا
وما ظفرت بخلّ ... من غير غلّ فأرضى
(التدوين ٢/ ٢٢٦) .