للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روى عَن: أَبِي بَحْر الأسَدي، وأبي مُحَمَّد بْن صاوة.

وأقرأ الآداب والعربيّة واللّغة. وكان شاعرا محسنا [١] .


[ (-) ]
خلبت قلبي بطرف ... أبا الحسين خلوب
قلم أسمّ بلصّ ... وأنت لصّ القلوب
وواضح من البيتين أنه كان يسمّى باللص قبل قوله لهما. ولابن دحية في (المطرب) وجهة أخرى للّقب إذ قال: وكان شيخنا هذا رحمه الله يلقّب باللص لدمائته وسكونه وتصرّفه خفية في جمع شئونه. ولكنه لا ينكر هذا اللقب مع جاهه عند سلطان زمانه. وانظر اعترافه بلقبه وأنه لسرقته أشعار الناس في (نفح الطيب ٥/ ٣٣٢) .
[١] وقال ابن عبد الملك المراكشي: وكان مقرئا محدّثا متحقّقا بعلوم اللسان نحوا ولغة وأدبا، ذاكرا للتواريخ حسن المجالسة، شاعرا مفلقا، وشعره مدوّن، وأقرأ اللغة والعربية والأدب طويلا. ومن طريف ما جرى له في انتحاله شعر غيره أن أحد بني عبد المؤمن قدم على إشبيلية واليا فانتدب أدباءها لامتداحه وتلقّيه بالتهنئة والإنشاد إذا دخلوا عليه قال: فطمعت في تلك الليلة أن يسمح خاطري بشيء في ذلك المقصد فلم يتّجه لي شيء، فنظرت إلى معلّقاتي فخرج لي قصيد لأبي العباس الأعمى وعليه مكتوب ولم ينشد، فأدغمت فيه اسم ذلك الأمير وقلبته في مدحه، فلمّا أصبحنا وخرجنا إلى اللقاء وأنشد الناس وأنشدت ذلك القصيد، فقام أبو القاسم محمد بن إبراهيم بن المواعيني، وأخرج من كمّه القصيد نفسه وقد صنع فيه ما صنعت، وأخبر بقصته في ذلك، فإذا قصّتهما واحدة، فضحك الوالي من ذلك وأثابهما ثواب غيرهما من الشعراء، وكثر العجب من تواردهما على السرقة وصارت بين الناس أحدوثة زمانا. وبالجملة فإنه كان من الشعراء المجيدين والأدباء المبرّزين والأساتيذ المفيدين، وقد أنجب تلامذة شعراء برعة. ومما استجيد من شعره في معنى المناجاة قوله:
مولاي إني ما أتيت جريمة ... إلّا وقلت تندّمي يمحوها
لولا الرجاء ونية لي نطتها ... بكريم عفوك لم أكن آتيها
ومن نظمه في حال مرض أصابه:
وقائلة والضنا شاملي ... على م سهرت ولم ترقد؟
وقد ذاب جسمك فوق الفراش ... حتى خفيت على العود
فقلت: وكيف أرى نائما ... ورابي المنيّة بالمرصد
وكان دأبه استصحاب كسرة خبز لا يفارقها، فقيل له في ذلك، فذكر أنه قيل له في النوم لا يموت إلا عطشان فأنا أخاف من ذلك فإن أصابني العطش دفعتها إلى سقّاء يسقيني، فقضى الله سبحانه أن توفي وحيدا في منزله فلا يبعد أن يكون مات عطشا كما أخبر في النوم. والله أعلم. وكانت وفاته عام سبعة أو ثمانية وقيل: ثلاثة. وقال أبو الحسن الشاري اثنين وسبعين وخمسمائة، وهذان القولان الآخران كلاهما باطل قطعا، فقد وقفت على بعض ما قرئ عليه مؤرّخا بجمادى الأولى سنة أربع وسبعين، مولده في صفر سنة ثنتين-