للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كمال الدين أَبُو البركات الأنباريّ، النّحويّ، الرجل الصّالح، صاحب التّصانيف المفيدة.

سكن بغداد من صباه، وتفقَّه بالنّظاميّة على أَبِي منصور بْن الرّزّاز، وقرأ النّحو على أَبِي السّعادات بْن الشَّجَري: واللّغة على أَبِي منصور بْن الجواليقيّ.

وبرع فِي الأدب حتّى صار شَيْخ العراق فِي عصره، وأقرأ النّاس ودرَّس النّحو بالنّظاميّة، ثمّ انقطع فِي منزله مشتغِلًا بالعِلم والعبادة والورع وإفادة النّاس.

وكان زاهدا ناسكا، تاركا للدُّنيا، ذا صِدق وإخلاص.

قال الموفّق عَبْد اللّطيف: أمّا شيخنا كمال الدّين الأنباريّ فلم أرَ فِي العبّاد والمنقطعين مثله [١] فِي طريقه، وَلَا أصدق منه فِي أسلوبه، خير محض لَا يعتريه تصنُّع، وَلَا يعرف الشّرور، وَلَا أحوال العالم. وكان لَهُ من أَبِيهِ دار يسكنها، ودار وحانوت مقدار أجرتهما نصف دينار فِي الشّهر ينتفع به ويشتري منه ورقا.

وسيّر إليه المستضيء خمسمائة دينار فردّها، فقالوا لَهُ: اجعلها لولدك، فقال: إنْ كنت خَلَقْتُه فأنا أرزقه.

وكان لَا يوقِد عَلَيْهِ ضوءا. وتحته حصير قَصَب، وعليه ثوب وعمامة من قُطْن يلبسهما يوم الجمعة. وكان لَا يخرج إلَّا للجمعة، ويلبس فِي بيته ثوبا خلقا.

وكان ممّن قعد فِي الخَلْوة عند الشَّيْخ أَبِي النّجيب.

قرأ عَلَيْهِ مُعيد بالنّظاميّة، فبقي يُكْثر الصّياح والكلام، فلطمه على رأسه وقال: ويلك، إذا كنت تَجْتَر فِي المرعى مَتَى ترعى؟

وللشيخ مائة وثلاثون مصنّفا، أكثرها نحو، وبعضها في الفقه


[ (- ٥٢٨، ٥٣٩، ٥٧٤، ٦٢٦، ٦٤٥، ٦٧٥، ٦٧٧، ٧٢٤] وهدية العارفين ١/ ٥١٩، والأعلام ٤/ ١٠٤، ودائرة المعارف الإسلامية ٣/ ٤، ٥.
وانظر مقدّمة كتاب: نزهة الألبّاء، له، بتحقيق الدكتور إبراهيم السامرائي.
[١] في الأصل: «منه» .