ومن كتاب آخر يَقُولُ:«ولَسْتُ بملك هازم لنظيره، ولكنّك الْإِسْلَام للشِّرْك هازم» . يشير رحِمَه اللَّه إلى أَنَّهُ وحده بعسكره فِي مقابلة جميع دين النّصرانيّة، لأنّ نفيرهم إلى عكّا لَمْ يكن بعده بعد، ولا وراءه حدّ.
ثُمَّ قَالَ:«وليس لك منَ المسلمين مساعد إلّا بدعوة، ولا خارج بَيْنَ يديك إلّا بأجرة، تشتري منهم الخطوات شبرا بذراع، تدعوهم إلى الفريضة، وكأنّك تكلّفهم النّافلة، وتعرِض عليهم الْجَنَّة، وكأنّك تريد أن تستأثر بها دونهم.
والآراء تختلف بحضرتك، فقائل يَقُولُ: لَمْ لا يتباعد عَنِ المنزلة؟
وآخر: لَمْ لا يميل إلى المصالحة؟ ويشير بالتّخلّي عَنْ عكّا، حَتَّى كَأَنّ تركها تعليق المعاملة، ولا كأَنَّها طليعة الجيش، ولا قفل الدّار، ولا خَرزة السِّلْك إنْ وَهَت تَدَاعى السّلك. فألهمك اللَّه قتلَ الكافر، وخلاف المجدّل، فكما لَمْ يُحدِثِ استمرار النِّعم لك بَطَرًا، فلا تُحدث لَهُ ساعات الامتحان ضجرًا» .
وما أحسن قول حاتم:
شربنا كأس الفقر يوما وبالغِنى ... وما فينا إلّا سقانا بِهِ الدهرُ