للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت مزوَّجةٌ بصاحب حصن كِيفا. فحجَت وعادت إلى بلدها، فتوفّي زوجها، فراسل الخليفة أخاها وخَطَبها، فزوّجها منه. ومضى لإحضارها الحافظ يوسف بْن أَحْمَد شيخ رِباط الأرجوانيَّة فِي سنة إحدى وثمانين، فأُحضرت وشُغِف الخليفة بها.

وبنَتْ لها رِباطًا وتربة بالجانب الغربيّ، فتُوفّيت قبل فراغ العمارة، ودخل عَلَى الخليفة منَ الحزن ما لا يوصف، وذلك فِي ربيع الآخر، وحضرها كافّة الدّولة والقُضاة والأعيان. ورُفعت الغُرَز والطَّرحات، ولبسوا الأبيض ورُفعت البِسملَّة ووضعت عَلَى رءوس الخدّام، وارتفع البكاء منَ الْجَوَارِي [١] والخَدَم، وعُمِل لها العزاء والخَتْمات [٢] .

١٢١- سُلَيْمَان بْن أَبِي البركات مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن بْن خميس [٣] .

أَبُو الرَّبِيع الكعبيّ، الْمَوْصِلِيّ المعدّل.

حدَّث عن والده.


[ () ] وأبو هذه المرأة المذكورة الأمير مسعود، كما ذكرناه، وهو في بسطة من ملكه واتّساع من إمرته، يركب له، على ما حقّق عندنا، أكثر من مائة ألف فارس، وصهره عليها نور الدّين صاحب آمد وما سواها، ويركب له أيضا نحو اثني عشر ألف فارس. ولخاتون هذه أفعال من البرّ كثيرة في طريق الحاجّ، منها سقي الماء للسبيل، عيّنت لذلك نحو الثلاثين ناضحة، ومثلها للزاد، واستجلبت لما تختصّ به من الكسوة والأزودة وغير ذلك نحو المائة بعير، وأمورها يطول وصفها. وسنّها نحو خمسة وعشرين عاما.
ثم وصف ابن جبير- ص ١٧٧ زيارتها لقبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم. ثم وصف موكبها وزينتها بعد انصرافها من الحج سنة ٥٧٩ هـ. ص ٢٠٦، ٢٠٧، ثم دخولها الموصل- ص ٢١٢.
[١] في الأصل: «الجوار» .
[٢] وقال ابن جبير ص ٢١٣: وأخبرنا غير واحد من الثقات، ممن يعرف حال خاتون هذه، أنها موصوفة بالعبادة والخير، مؤثرة لأفعال البرّ، فمنها أنها أنفقت في طريقها هذا إلى الحجاز في صدقات ونفقات في السبيل، مالا عظيما، وهي تحبّ الصالحين والصالحات وتزورهم متنكّرة رغبة في دعائهم. وشأنها عجيب كلّه على شبابها وانغماسها في نعيم الملك، والله يهدي من يشاء من عباده.
[٣] انظر عن (سليمان بن أبي البركات) في: التكملة لوفيات النقلة ١/ ٧٨ رقم ٣٢، والمشتبه في الرجال ١/ ١٨٩.