للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوّض ما تبقّى من بصره من ألمٍ أصابه، وصحِب الصّالحين والأخيار، ومدح الخلفاء والوزراء.

وكان فصيح القول، حسن المعاني، وفيه دِين وتسنُّن.

رَوَى عَنْهُ: عُثْمَان بْن مقبل، والبهاء عَبْد الرَّحْمَن، ويوسف بْن خليل، ومُحَمَّد بْن سَعِيد الدُّبِيثيّ، وعليّ بْن يوسف الحمّاميّ، وآخرون.

قَالَ أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن أحمد القَطِيعيّ: منع الوزير ابن هُبَيْرة الشّعراء من إنشاد الشّعر بمجلسه، فكتب النُّمَيْرِيّ إِلَيْهِ قصيدة، فكتب الوزير عليها:

هَذَا لو كَانَ الشّعراء كلّهم مثله فِي دِينه وقوله لَمْ يُمنعوا، وإنّما يقولون ما لا يحلّ الإقرار عليه، وَهُوَ فالصَّديق، وما يذكره يوقف عليه، ورسومه تزار.

قُلْتُ: وَفِي ديوانه عدّة قصائد مدح بها المقتفي لأمر اللَّه، فَمنْ ذَلِكَ:

جوّى بَيْنَ أثناء الحشاء ما يزايلُه ... ودمعٌ إذا كفكفته لجَّ هاملُهْ

يضيق لبُعْد النّازلين عَلَى الشَّرى ... بمرفضّ دمع العين منّي مُسائلُهْ

وهل أنسين الحيَّ من آل جَنْدَلِ ... تجاوَب ليلا بُزْله وصواهلُهْ

تُبوِّئهُ الثَّغرَ المَخُوفَ محلّه طوالُ ... ردينياته ومناصلُهْ

وتقتنص الأعداءَ جهْرًا رجالُه ... كَمَا اقتنصت حر باز شهب أجادلُهْ

وكنت أرى أنّي صبورٌ عَلَى النَّوى ... فَلَمَّا افترقنا غالَ صبري غوائلُهْ

أَفُرسانَ قيسٍ من نُمَيْرٍ إذا القنا ... تولّج لبّاه الكُماة عواملُهْ

هَلِ السَّفْح من نجم المعاقل بالشّرى ... عَلَى العهدِ منكم أمْ تعفَّت منازلُه؟

وهل ما يُقضَى من زمان اجتماعِنا ... بمردودٍ أسحارُهُ وأصائلُهْ

بكم يأمنَ الجاني جريرةَ ماضي ... ويَرْوي منَ الخُطى فِي الحرب ناهلُهْ

وأوهن طولُ البُعد عنكم تجلُّدي ... وغادر ليلي سَرْمَدًا متطاولُهْ

ولم أتّخِذْ إلْفًا منَ النّاس بعدكم ... وهل يألف الْإِنْسَان مَنْ لا يُشاكله

وَلَهُ فِيهِ:

لولا القنا والصّوارم الخدمُ ... ما أقلعتْ عَنْ عنادها العجمُ

توهَّموا المُلْك بالعراق وما ... شارفه مُسْلَمَ الحمَى لهم