للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: أَنَا أفصل بين الماء واللّبن بأنْ أغمس البُردى فِيهِ ثُمَّ أعصره، فلا يُشرب إلّا الماء، ويخلص اللّبن.

وكان والد الوزير قصَّابًا أعجميّا بسوق الثّلاثاء ببغداد.

تُوُفّي الوزير بظاهر هَمَذَان، فأُخفي موته ودُفن، وأركِب فِي مِحَفّته قيصر العونيّ الأمير، وكان يشبهه، ثُمَّ طِيف به فِي الجيش تسكينا. ثُمَّ ظهر الأمر، ونبشه خُوارزْم شاه تكش، وحزَّ رأسه، ثُمَّ طاف به فِي بلاد خُراسان [١] .

قال ابن النّجّار: لو مُدَّ له فِي العُمر لكان لعلّه يملكُ خُراسان. وكان فِيه من الدّهاء وحسن التّدبير والحِيَل ما يعجز عَنْهُ الوصْف، مع الفضل والأدب والبلاغة.

وهو القائل يرثي ولده:

وَإِذَا ذكرتُك وَالَّذِي فعل البِلَى ... بجمال وجهك جاء ما لا يُدْفَعُ

عاش مؤيّد الدّين بضْعًا وسبعين سنة [٢] .

١٠٠- مُحَمَّد بْن مالك بْن يوسف بْن مالك [٣] .

أبو بَكْر الفِهْريّ، الشَّرِيشيّ.

سمع من شُرَيْح بْن مُحَمَّد «صحيح الْبُخَارِيّ» ، ومن أَبِي القاسم بْن جَهْور «مقامات الحريريّ» ، ومن: أبي بكر بن العربيّ. وجماعة.


[١] ذيل الروضتين ٩، وفيه إنه لما خرج عن بغداد كتب إلى ابنه أحمد وهي له:
يا خازن النار خذ إليك أبا ... السائب حلف الفضول والحمق
ولا تكله إلى زبانية ... يأخذهم بالخداع والملق
قلت تدري أي ابن زانية ... عندك ملقى في القدّ والحلق
[٢] وقال ابن طباطبا: هو أعجميّ الأصل، كان أبوه يبيع اللحم على رأس درب البصريين ببغداد، ونشأ هو مشتغلا بالعلوم والآداب، وبرع في علوم المتصرّفين كالحساب ومعرفة الكروث والمساحات والمقاسمات، ثم تبصّر بأسباب الوزارة. وكانت نفسه قويّة، وهمّته عالية. قاد العساكر، وفتح الفتوح، وجمع بين رياستي السيف والقلم. ومضى إلى بلاد خوزستان وفتحها وقرّر أمورها وقواعدها، ثم مضى إلى بلاد العجم وصحبته العساكر، فملك أكثرها، ثم أدركه أجله فمات هناك. (الفخري ٣٢٤) .
[٣] انظر عن (محمد بن مالك) في: تكملة الصلة لابن الأبّار.