وكان قليل اللّذّات، كثير الحَسَنات، دائم التّهجُّد، يشتغل بالأدب والتّفسير.
وكان قليل النَّحْو، لكنْ له دُرْبَةٌ قويَّة توجب له قِلَّة اللَّحْن، وكتبَ من الإنشاء ما لم يكتبْه أحدٌ. أعرفُ عند ابن سناء المُلْك من إنشائه اثنين وعشرين مجلّدا. وعند ابن القطّان، أحد كُتّابه، عشرين مجلّدا. وكان متقلّلا فِي مَطْعمه ومنكحه، وملبسه. لباسه البياض، لا يبلغ جميعَ ما عليه دينارين.
ويركب مع غلامٌ ورِكابيّ. ولا يمكِّن أحدا أن يَصْحَبَه. ويُكْثر تشييع الجنائز، وعيادَة المرضى، وزيارَةَ القبور. وله معروف فِي السّرّ والعلانية.
وكان رحمه اللَّه ضعيف البنية، رقيق الصّورة، له حَدْبَة يغطّيها الطَّيْلَسان.
وكان فِيهِ سوء خُلُق يُكْمِد به فِي نفسه، ولا يضرّ أحدا به.
ولأصحاب الفضائل عنده نَفَاق، يُحسن إليهم ولا يَمُنّ عليهم. ولم يكن له انتقام من أعدائه إلّا بالإحسان إليهم، وبالإعراض عَنْهُمْ.
وكان دخْله ومعلومُه فِي السّنة نحو خمسين ألف دينار، سوى متاجر الهند والمغرب، وغيرهما.
مات مسكوتا، أحوج ما كان إِلَى الموت عند تولّي الإقبال، وإقبال الإدبار، وهذا يدلُّ على أنّ للَّه به عناية رحمه اللَّه.
٣٠٨- عَبْد السّلام بْن محمود بْن أَحْمَد [١] .
ظهير الدّين أبو المعالي الفارسيّ، الفقيه، الأُصُوليّ، المتكلّم.
سمع من: أبي الوقت السّجزيّ.
[١] انظر عن (عبد السلام بن محمود) في: التكملة لوفيات النقلة ١/ ٣٥٩ رقم ٥٤٠، وطبقات الشافعية الكبرى ٧/ ١٧٠ وفيه: «عبد السلام بن محمد» ، والبداية والنهاية ١٣/ ٢٤، والوافي بالوفيات ١٨/ ٤٣٥ رقم ٤٥٠.