للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له: دام عُلا العماد.

وذلك مِمَّا يُقرأ مقلوبا وصحيحا [١] .

قال ابن خَلِّكان [٢] : ولم يزل العماد على مكانته إِلَى أن تُوُفّي السّلطان صلاح الدّين، فاختلّت أحواله، ولم يجد فِي وجهه بابا مفتوحا. فلزِم بيته وأقبل على تصانيفه.

وأَلُهْ: معناه بالعربيّ العُقاب، وهو بفتح الهمزة، وضمّ اللّام، وسكون الهاء.

وقيل إنّ العُقاب جميعه أنثى، وإنّ الّذي يسافده طائرٌ من غير جنسه، وقيل: إنّ الثّعلب هُوَ الّذي يسافده، وهذا من العجائب.

قال ابن عنين فِي ابن سَوْدة:

ما أنت إلا كالعقاب فأمُّهُ ... معروفةٌ وله أبٌ مجهولُ

وقال الموفَّق عَبْد اللّطيف: حكى لي العماد من فلْق فِيهِ، قال: طلبني كمال الدّين لنيابته فِي ديوان الإنشاء، فقلت: لا أعرف الكتابة. فقال: إنّما أريد منك أن تُثْبِت ما يجري فتخبرني به.

فصرت أرى الكتب تكتب إِلَى الأطراف، فقلت لنفسي: لو طُلب منّي أن أكتب مثل هَذَا ماذا أكنت أصنع؟ فأخذتُ أحفظ الكُتُب وأحاكيها، وأروِّض نفسي فيها. فكتبت كتبا إِلَى بغداد، ولا أُطْلِع عليها أحدا. فقال كمال الدّين يوما: ليتنا وجدنا من يكتب إِلَى بغداد ويُرِيحنا. فقلت: أَنَا أكتب إنْ رضيتَ.

فكتبت وعرضت عليه، فأعجبه فاستكتبني. فلمّا توجّه أسد الدّين إِلَى مصر فِي المرَّة الثّالثة صحِبْتُه.

قال الموفّق: وكان فقهه على طريقة أسعد المِيهَنِيّ، ومدرسته تحت القلعة. ويوم يدرّس تتسابق الفُقهاء لسماع كلامه وحُسْن نُكَتِه. وكان بطيء


[١] وفيات الأعيان ٥/ ١٥٠.
[٢] في وفيات الأعيان ٥/ ١٥٢.