للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان الحنفيَّة حَمَوْا مقصوراتهم بجماعةٍ من الْجُنْد.

ثُمَّ إنّ الحافظ ضاق صدره، ومضى إِلَى بَعْلَبَكّ، فأقام بها مدَّة، وتوجَّه إِلَى مصر، فبقي بنابلس مدَّةً يقرأ الحديث وكنتُ أَنَا فِي ذلك الوقت بمصر فجاء شابٌّ من دمشق بفتاوى إلى الملك عثمان الْعَزِيز، ومعه كتب أنّ الحنابلة يقولون كذا وكذا. وكان بنواحي الإسكندريَّة، فقال: إذا رجعنا من بلادنا مَن يقول بهذه المقالة؟

فاتّفق أنّه لم يرجع، وشَبَّ به فَرَسُه. وأقاموا ولده موضعه. ثُمَّ أرسلوا إِلَى الأفضل، وكان بصَرْخَد، فجاء وأخذ مصر. ثُمَّ انحرف إِلَى دمشق فاتّفق أنّه لقي الحافظ فِي الطّريق، ففرح به وأكرمه. ونفّذ يوصي به بمصر، فلمّا وصل الحافظ إِلَى مصر تُلُقِّيَ بالبِشْر والإكرام، وأقام بها يُسمع الحديث بمواضع ويجلس. وقد كان بمصر كثيرٌ من المخالفين، لكنْ كَانَتْ رائحة السّلطان تمنعهم.

ثُمَّ إنّ الأفضل حاصر دمشق، وردَّ عَنْهَا بعد أن أشرف على أخْذها، ورجع إِلَى مصر، فجاء العادل خلْفه فأخذ مصر. وبقي بمصر. وأكثَر المخالفون على الحافظ، حتّى استُدعيَ، ولم يحصل لهم بحمد اللَّه ما أرادوا.

وأكرمه العادل، وسافر إِلَى دمشق. وبقي الحافظ بمصر، وهم لا يتركون الكلام فِيهِ، فلمّا أكثروا عَزَم الكامل على إخراجه من مصر.

ثمّ إنّ الحافظ اعتُقِل فِي دارِ سبعَ ليالٍ فَسَمعت التّقيّ أَحْمَد بْن العزّ مُحَمَّد بْن عَبْد الغنيّ: حدَّثني الشّجاع بْن أَبِي زكريّ الأمير قال: قال: لي الكامل: هاهنا رجلٌ فقيه قَالُوا إنّه كافر. قلت: لا أعرفه. قال: بلى، هُوَ محدِّث.

فقلت: لعلّه الحافظ عَبْد الغنيّ؟ قال: نعم هُوَ هُوَ. فقلت: أيّها الملك، العلماء أحدهم يطلب الآخرة، والآخر يطلب الدّنيا. وأنت هاهنا باب الدّنيا، فهذا الرجل جاء إليك، أو أرسل إليك رُقعة؟ قال: لا. قلت: والله هؤلاء