للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا تَعْجَبَنّ لوفاتي بعدهُم أَسَفًا ... وإنّما فِي حياتي بعدهُم عَجَبُ

سَقْيًا ورَعْيًا لأيّام لنا سَلَفَتْ ... والشّمْل مجتمعٌ والأُنْس منتسبٌ

والعَيْشُ غَضٌّ وعين الدَّهر راقدةٌ ... والبَيْنُ رَثٌّ وأثواب الهَوَى قُشُبُ

والدّارُ ما نزحَتْ والوُرْقُ ما صَدَحَتْ ... وحبَّذا بكم الأجراع والكُتُبُ

إنْ تُمسِ دارُهُم عنّي مُباعِدةً ... فإنّ مسكنَهُمْ فِي القلبِ مُقْتَربٌ

يا سائرين إِلَى مصرَ سألتُكُم ... رِفْقًا عليَّ فإنّ الأمرَ مُكتسبُ

قولوا لساكنها: حُيِّيتَ من سَكَنٍ ... يا مُنْية النَّفسِ ماذا الصَّدُّ والغضبُ

بالشّام قومٌ وَفِي بغدادَ قد أسِفُوا ... لا البُعدُ أخلقَ بَلْواهُم ولا الحقبُ

منها:

لولاك مادَ عمُود الدّين وانهدمَتْ ... قواعدُ الحقّ واغتالَ الهُدَى عَطَبُ

فاليومَ بعدَكَ جمرُ الغَيّ مُضْطَرِمُ ... بادي الشّرار ورُكْن الرُّشْد مضطّربُ

فليبكينّك رسولُ اللهِ ما هَتَفَتْ ... وُرْقُ الحَمَام وتبكي العُجْم والعربُ

لم يفترقْ بكما حالٌ فموتُكُما ... نفي الشَّهْر واليوم هَذَا الفَخْرُ والحَسَبُ

أَحْيَيْتَ سُنّتَه من بعد ما دُفِنَتْ ... وشُدْتَها وقد انهدّتْ لها رُتبُ

يا شامِتين وفينا ما يسؤهُم ... مسْتَبْشرينَ وهذا الدَّهرُ محتسبُ

ليس الفناء بمقصورٍ على سببٍ ... ولا البقاءُ بممدودٍ له سببُ

مَن لم يعِظْه بياضُ الشَّعْر أيْقَظَهُ ... سوادُ عَيْشٍ فلا لَهْوٌ ولا طربُ

الصَّبرُ أهْوَنُ ما تُمطى غَوارِبُهُ ... والأجر أعذب ما يجنى وتحتلب

إن تحسبوه كريه الطّعم أيسره ... سم مذاف ففي أعقابه الضّربُ

ما ماتُ من كان عزّ الدّين يَعقُبُه ... وإنّما الميت منكم مَن له عقِبُ

ولا تَقَوَّض بيتُ كان يَعْهَدُهُ ... مثل العماد ولا أودى له طنب

على العلى بجمال الدّين بعدكما ... يحيي العلوم بمحيي الدّين والقربُ

مثل الدّراري والسّواري شمْلُها أبدا ... نجمٌ يغور وتبقى بعده شُهُب

مِن مَعشَرٍ هجروا الأوطانَ وانتهكوا ... حِمَى الخُطُوبِ وأبكار العُلا خطبوا

شُمُّ العَرانين يلحُّ لو سألتَهُمْ ... بذلَ النُّفُوسِ لَمَا هابوا بأنْ يهبوا

بِيضٌ مَفَارقُهم سودٌ عواتِقُهُم ... يُمْسي مُسابِقُهُم من حظّه التّعب