للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: والغالب عَلَى سلاحهم النّشّاب وكلُّهم يَصْنعه، ونصولهم قروب وحديد وعِظام. ويطعنون بالسّيوف أكثر ممّا يضربون بها. ولهم جواشن من جلود وخِفاف واقية. وخيلهم تأكل الكلأ رطبا ويابسا، وما وَجَدَتْ من ورق وخشب، وإذا نزلوا عنها أطلقوها. وسروجهم صغار خفاف لَيْسَ لها قيمة.

وأكلهم لحم أيّ حيوان وُجِدَ وتمسّه النار تَحِلَّةَ القَسَم. وليس في قَتْلهم استثناء ولا إبقاء. وكأنَّ قصْدهم إفناء النّوع، وفعلوا ذَلِكَ بجميع خُراسان، ولم يسلم منهم إلّا أصبهان وغَزْنة.

قَالَ: ويظهر من حالهم أنهم لا يقصدون المُلْك والمال بل إبادة العالم ليرجع يبابا.

وقال غيره: هذه القبيلة الخبيثة تعرف بالتّمرجيّ سكّان البراري قاطع الصّين، ومَشْتاهم بموضع يُعرف بأرغُون. وهم طائفة مشهورة بالشّرّ والغدر.

وسبب ظهورهم أنّ إقليم الصّين متَّسع مسيرة دورة ستَّة أشهر، ويقال: إنّه يحويه صور [١] واحد لا ينقطع إلّا عند الجبال والأنهار. قلت: وهذا بعيد وهو ممكن [٢] .

والصّين ستّ ممالك، ولهم ملك حاكم عَلَى الممالك السّتَّة، وهو قانُهم [٣] الأكبر المقيم بطمخاج [٤] ، وهو كالخليفة للمسلمين. وكان سلطان أحد الممالك السّتَّة وهو دوس خان قد تزوّج بعمَّة جنكزخان، فحضر زائرا لعمّته وقد مات زوجها. وكان قد حضر مَعَ جنكزخان كشلوخان، فأعلمتهما أنّ المَلِك لم يخلّف ولدا، وأشارت عَلَى ابن أخيها أن يقوم مقامه، فقام وانضمّ إِلَيْهِ خلق من المغول. ثمّ سَيّر التّقادم [٥] إِلى الخان الكبير، فاستشاط


[١] هكذا بخط المؤلف، والمشهور «سور» بالسين.
[٢] بل هو موجود معروف مشهور، وهو سور الصين العظيم.
[٣] يكتب «قان» و «خان» كما سيأتي.
[٤] في حاشية الأصل كتب أيضا: «طوغاج» . والمثبت يتفق مع الكامل في التاريخ.
[٥] التقادم: الهدايا.