للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ أَتَانِي فَأَنْبَهَنِي، ثُمَّ قَالَ:

عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَطْلَابِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَقْتَابِهَا

تَهْوِي إلى مكة تبغي الهدى ... ليس قداماها كَأَذْنَابِهَا

فَانْهَضْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... وَاسْمُ بِعَيْنَيْكَ إِلَى نَابِهَا [١]

فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَتَانِي فَأَنْبَهَنِي، ثُمَّ قَالَ:

عَجِبْتُ لِلْجِنِّ وَتَخْبَارِهَا ... وَشَدِّهَا الْعِيسَ بِأَكْوَارِهَا

تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الْهُدَى ... لَيْسَ ذَوُو الشَّرِّ كَأَخْيَارِهَا

فَانْهَضْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ ... مَا مُؤْمِنُو الْجِنِّ كَكُفَّارِهَا [٢]

فَوَقَعَ [٣] فِي قَلْبِي حُبُّ الْإِسْلَامِ [٤] ، وَشَدَدْتُ رَحْلِي، حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ بِالْمَدِينَةِ، وَالنَّاسُ عَلَيْهِ كَعُرْفِ الْفَرَسِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ:

«مَرْحَبًا بِسَوَادِ بْنِ قَارِبٍ، قَدْ عَلِمْنَا مَا جَاءَ بِكَ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قُلْتُ شِعْرًا فَاسْمَعْهُ مِنِّي [٥] :

أَتَانِي رَئِيِّي بَعْدَ لَيْلٍ وَهَجْعَةٍ [٦] ... وَلَمْ يَكُ فِيمَا قَدْ بَلَوْتُ بِكَاذِبٍ [٧]

ثَلَاثَ لَيَالٍ قَوْلُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ ... أَتَاكَ نَبِيٌّ [٨] مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ

فَشَمَّرْتُ عَنْ سَاقِي الْإِزَارَ وَوَسَّطَتْ ... بِيَ الذّعلب [٩] الوجناء [١٠] عند السباسب [١١]


[١] أي سيّدها، كما في حاشية الأصل ومعاجم اللغة.
[٢] في مجمع الزوائد، وعيون الأثر، ورد الشطر الأخير «بين روابيها وأحجارها» .
[٣] في الدلائل للبيهقي: «قال: لما سمعته يكرر ليلة بعد ليلة، فوقع» .
[٤] في الدلائل «من أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللَّهُ» .
[٥] في الدلائل «قال سواد: فقلت» .
[٦] في شرح الشفاء للقارئ ١/ ٧٤٨ «بليلة بعد هجعة» .
[٧] في صحيح البخاري «ولم أك فيما قد بليت» .
[٨] وفي رواية «رسول» .
[٩] الذعلب: الناقة السريعة.
[١٠] الوجناء: الشديدة.
[١١] وفي البداية والنهاية «غبر» ، وفي مجمع الزوائد «بين» . والسبب: المفازة.