بأصبهان، فذكر من «جزء لُوَيْن» . وقال في وصفه: شيخٌ محمود النّقيبة مباركُ الشيبة، آثارهُ مشكورة، وكراماته مسطورةٌ. دخل أصبهان قبل الستّين وخمسمائة، وسَمِعَ من مسعود، ومن فورجة، وإسماعيل بْن غانم البَيِّع، وعدَّة. وسَمِعَ سنة اثنتين وسبعين من السِّلَفِيّ. ثُمَّ غَرَّبَ فسمع من عَبْد الحقِّ ببِجاية. ثُمَّ دخل الأندلس فأكثروا عَنه عَلَى رأس الثّمانين. قَالَ لنا: جُلتُ عشرين سنة، دخلت أصبهان، وأذربيجان، والروم، والإسكندرية، وبِجاية، وفاس، وشرق الأندلس، وثِنتان بدمشق، وقَرَرْتُ بأصبهان. ولمّا نزل بغَرناطة ترك الوعظ ولزِم بيته. وله تعليقة في الخلاف بين الشافعيّ وأبي حنيفة، غيرَ أنّ أهل الأندلس أنكروا عَلَيْهِ روايته عَنْ مسعود الثقفيّ، قَالُوا: هذا يروي عَنِ الخطيب. واستبعدوا هذا، فلم يسمعوا منه شيئا عَنْ مسعود. وكان أَبُو الربيع بْن سالم قد كتب إِلى أَبِي الحَسَن بْن المفضّل قبل السُتِّمائة أنْ يأخذ لَهُ إجازةَ مَنْ يَرْوِي عَنِ الخطيب، فأجابه: لَيْسَ ببلادنا مَن يروي ذَلِكَ، وفي هذا القول من أَبِي الحَسَن ما فيه.
قلتُ: الظّاهر أَنَّهُ عَنَى بقوله «بلادنا» الثّغر ومصر، وإلّا، فكان في الشّام، والعراق ذَلِكَ موجودا، وأحسب أنّ ابن المقدسيّ لم يَفْطِنْ إِلى ذا، فإنّه ما رَحَلَ، ولا رأى الطّلبةَ، أو كَانَ ذَلِكَ وقد فَتَرَ عَنِ الطّلب، واشتغل بالفروع.
ثُمَّ قَالَ ابن مُسْدي: فلمّا وصل كتابةَ إِلى ابن سالم، أطبق عَلَى مسعود الثقفيّ، وأنكر أن تكون لَهُ إجازةُ الخطيب. فأخرجتُ لَهُ خطَّ الكِنْديّ، بسماعه من القزّاز، عَنِ الخطيب، فقال: هذا أوهى من الأول، كيفَ يكتبُ أَبُو الحَسَن بانقراض هذا الإِسناد، ونقبل ما يأتي بعد السّتّمائة؟
قلت: ابنُ سالم حافظ، وقد خَفِيَ عَنْهُ هذا، واعتمد بظاهرِ ما عندهم من النزول، بل كان بعد الستمائة وُجِدَ ما هُوَ أعلى من روايات الخطيب، كَانَ بأصبهان مَن يروي عَنْ رَجُل، عَنِ الحافظ أَبِي نُعَيْم الّذي هُوَ من شيوخ الخطيب، وكان بالعراق مَن يروي عَنْ رجلٍ، عن ابن غيلان، وبخراسان من يَروي عَنْ رجلٍ، عَنْ عَبْد الغافر.