قال لي أبو العباس أحمد بن علي بن عبد الرحمن المقرئ الأندلسي: دخل جماعة من القادسية إلى إربل من طلبة الحديث، فقالوا لي: احذر أن تقرأ على الشيخ هذا الجزء فإنه من مسموعات أخيه، فسألته عن مولده فتكاره بذلك، وقال: ما أدري أيش مقصود أصحاب الحديث يسألون الإنسان عن ولده كأنهم يتهمونه، ثم ذكر لي مولده حسبت أنه ليس من سماعاته. قلت: لما دخلت إلى إربل كان هذا الجزء قد أخفي فلم أظفر به، وكان لشيخنا هذا إجازة صحيحة من القاضي أبي بكر فلعلّه قد حدّث عنه بالإجازة والله أعلم. (التقييد) . [٢] وقال ابن المستوفي: شيخ فيه دين وعنده سكون. وكان في مبدإ عمره يتظاهر بسمت النّسّاك ويفعل فعل الفتّاك. خرج من بغداد في صباه هاربا إلى خراسان. أخبرني بذلك الثقة، ثم عاد إلى بغداد وجرى بينه وبين أخ له واقعة، فخرج من بغداد واتصل بالسلطان أبي المظفر يوسف بن أيوب- رحمه الله- فأكرمه واحترمه وولّاه قضاء كل بلد افتتحه من بلاد الفرنج. فكان أبو محمد يستنيب في كل موضع نائبا. ورد إربل وأقام بها وهو مراعى، له إيجاب تام من الفقير أبي سعيد كوكبوري بن علي، وتعهد كثير، وصلات جمّة، إلى أن توفي بإربل عصر يوم الخميس التاسع من جمادى الأولى من سنة عشر وستمائة. ودفن لوقته في مقبرة الصوفية، وشيّع جنازته- أدام الله سلطانه- وحضر تربته ثلاثة أيام، في بكرة كل يوم، وحضر أعيان البلد وصدوره، فأقام لأولاده اليتامى بعده ما يحتاجون إليه. ثم ذكر لقاء ابن نقطة له بإربل.