للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبَ حمص الملكُ المُجاهد، ودونه الملك الْأشرف شاه أرمن، ودونه الملك المُعَظَّم عيسى، ودونه صاحب حماة، ودونه الحَافِظ صاحب جَعْبَر، ومُقَدَّم نجدة حلب، ومُقدّم نجدة المَوْصِل، ومقدّم نجدة ماردين، ومقدَّم نجدة إربل، ومقدَّم نجدة ميّافارقين، وَكَانَ عَلَى يساره نائب الباب، وصاحب عَكّا، وصاحب قبرص، وصاحب طرابلس، وصاحب صَيْدا، وعشرون من الكُنود لهم قلاع في المغرب، ومقدَّم الدَّاوية، ومُقدَّم الإسبتار. وَكَانَ يوما مشهودا. فرسَم السّلطان بمبايعتهم وَكَانَ يحمل إليهم في كلّ يوم خمسين ألف رغيف، ومائتي إردبّ شعير، وكانوا يبيعون عُدَدَهم بالخُبْز ممّا نالهم من الْجُوع. فَلَمَّا سَلَّموا دِمْيَاط أطلقَ السّلطان رهائنهم، وبقي صاحب عكّا حتّى يطلقوا رهائن السّلطان. فأبطئوا، فركب السّلطان ومعه صاحب عكّا، وَكَانَ خلقة هائلة، فأخرجَ السّلطان من صَدْر قبائه صليبَ الصَّلبوت، الَّذِي كَانَ صلاحُ الدّين أخذَه من خزائن خُلفاء مصر، فَلَمَّا رآه صاحب عكّا رمى بنفسه إلى الْأرض، وشكر السّلطان، وَقَالَ: هَذَا عندنا أعظم من دمياط. وقال له السّلطان: خذ هَذَا تذكارا من عندي، واركب في مركب، ورُح نفِّذ رهائننا، فلم يفعل، وبعث الصّليب مَعَ قِسّيس.

وحكى بعضهم [١] قَالَ: وفي شعبان أخذت الفرنج دِمْيَاط، وَكَانَ المُعَظَّم قد جهّز إليها ناهض الدّين ابن الجرخي [٢] في خمسمائة راجل، فهجموا عَلَى الخندق، فقُتِلَ الناهضَ ومن كَانَ معه، وضَعُفَ أهلُ دِمْيَاط المساكين، ووقع فيهم الوَباء والغَلاء، وعَجَزَ الملكُ الكامل عن نُصرتهم، فسلّموها بالْأمان، وفتحوا للفرنج، فغدروا، لعنهم اللَّه، وقتلوا وأسَروا، وجعلوا الجامعَ كنيسة، وبعثوا بالمصاحف ورءوس القتلى إلى الجزائر.

وَكَانَ بدمياط الشَّيْخ أَبُو الحَسَن بن قُفْل [٣] الزّاهد صاحب زاوية، فما تعرّضوا له.


[١] هو سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان ج ٨ ق ٢/ ٦٠٣.
[٢] تحرّف في المرآة إلى «الحرجي» . والمثبت يتفق مع: ذيل الروضتين ١١٦.
[٣] هكذا في ذيل الروضتين ١١٧، وفي المرآة ٦٠٣ «أبو الحسن بن الفضل» .