للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلاد أَذْرَبِيجَان وأَرّان، ثُمَّ قصد نَقْجوان، وسَيَّر نساءه وأهله إلى خويّ، فقام بأمر تبريز شمس الدّين الطُّغْرَائيّ، وجمع كلمة أهلها، وحَصَّن البلد، فَلَمَّا سَمِعَ التَّتَار بقوّتهم أرسلوا يطلبون منهم مالا وثيابا، فسَيَّروا لهم ذَلِكَ.

ثُمَّ رحلوا إلى بَيْلقان فحصروها، فطلب أهلها رسولا يُقَرِّرون معه الصُّلح، فأرسل إليهم مُقدّمًا كبيرا فقتلوه، فزحفت التَّتَار عَلَى البلد وافتتحوه عَنْوَة في رمضان من سنة ثمانِ عشرةَ، ولم يُبقوا عَلَى صغير ولا كبير، وكانوا يَفْجُرون بالمرأة، ثُمَّ يقتلونها.

ثُمَّ ساروا إلى كَنْجة وَهِيَ أُمُّ بلاد أرّان، فعلموا كثرةَ أهلها وشجاعتهم، فلم يقْدُموا عليها وطلبوا منها حَمْلًا، فأُعطوا ما طلبوا.

وساروا عَنْهُمْ إلى الكُرْج، والكُرْج قد استعدُّوا لهم، فالتقوا، فانهزم الكُرْج وأخذهم السّيف، فلم يُفْلت منهم إِلَّا الشِّريد، فقُتل منهم نحو ثلاثين ألفا، وعاث التَّتَار في بلاد الكُرْج وأفْسَدوا.

ثُمَّ قصدوا دَرْبَند شروان، فحاصروا مدينة شماخي ثُمَّ افتتحوها عَنوةً. ثُمَّ أرادوا عبور الدَّرْبَند فلم يَقْدِروا عَلَى ذَلِكَ، فأرسلوا رسولا إلى شِروان شاه، يقولون: أرسل إلينا رسولا. فأرسل عشرة من كبار أصحابه، فأخذوا أحدهم، فقتلوه، ثُمَّ قَالُوا للباقين: إنْ أنتم عرَّفتمونا طريقا نعبر فيه فلكم الْأمان وإلّا قتلناكم. فقالوا: إِنَّ هَذَا الدّربند لَيْسَ فيه طريق البتّة، ولكن فيه موضع هُوَ أسهل ما فيه من الطُّرق. فساروا معهم في تِلْكَ البلاد إلى ذَلِكَ الطّريق فعبروا فيه.

فَلَمَّا عبروا دَرْبَند شِروان ساروا في تِلْكَ الْأراضي وفيها أممٌ كثيرة منهم اللّان واللِّكز وطوائف من التُّرك، فنهبوا وقتلوا كثيرا من اللّكز وهم كفّار ومسلمون. ثُمَّ وصلوا إلى اللّان وهم أمم كثيرة، فجمعوا جمْعًا من القَفْجاق فقاتلوهم فلم يظفروا بهم. فأرسلت التَّتَار إلى القَفْجاق يَقُولُون: نحنُ وأنتم جنسٌ واحد، وَهَؤُلاءِ اللّان ليسوا منكم حَتَّى تنصروهم، ولا دينهم مثل دينكم، وَنَحْنُ نعاهدكم أنّنا لَا نتعرض إليكم، ونحمل إليكم من الْأموال والمتاع ما شئتم.

فوافقوهم عَلَى ذَلِكَ، وانعزلوا عن اللّان، فأوقع التَّتَار باللّان وقتلوا منهم خلقا،