للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُذكرُني مرّ النّسيم وروحهُ ... حفائرَ يعلُوها من الترب أطباقُ

وها أَنَا في إحدى وتسعينَ حجَّةً ... لها فيَّ إرعادٌ مخُوفٌ وإبراقُ

يقولون: ترياقٌ لمثلك نافعٌ ... وما لي إِلَّا رحمةَ اللَّه ترياقُ

وَلَهُ:

لبست من الْأعمارِ تسعين حجَّةً ... وعندي رجاءٌ بالزيادةِ مُولعُ

وقد أقبلتْ إحدى وتسعون بعدها ... ونفسي إلى خمس وستّ تطلّعُ

ولا غرو أن آتي هُنيدة [١] سالما ... فقد يُدركُ الإِنْسَان ما يتوقعُ

وقد كَانَ في عصري رجالٌ عرفتهم ... حُبُوها وبالآمال فيها تمتّعوا

وما عافَ قبلي عاقلٌ طول عمره ... ولا لامه من فيه للعقلِ موضعُ

وَقَالَ الحافظ ابن نقطة [٢] : كَانَ الكِنْدِيّ مُكرمًا للغرباء، حسن الْأخلاق، فيه مزاح، وَكَانَ من أبناء الدُّنْيَا المشتغلين بها وبإيثار مُجالسة أهلها. وَكَانَ ثقة في الحديث والقراءات، صحيح السّماع، سامحه اللَّه!.

وَقَالَ الإِمَام موفّق الدّين: كَانَ الكِنْدِيّ إماما في القراءة والعربية، انتهى إِلَيْهِ عُلُوّ الإسناد في الحديث. وانتقل إلى مذهب أَبِي حنيفة من أجل الدُّنْيَا إلّا أَنَّهُ كَانَ عَلَى السُّنة، وصّى إليَّ بالصّلاة عَلَيْهِ والوقوف عَلَى دفنه، ففعلت ذَلِكَ.

وللسخاويّ فيه:

لم يكن في عصر عمرٍو مثله ... وكذا الكِنْدِيّ في آخر عصرِ

فهما زيدٌ وَعَمْرو إنّما ... بُني النَّحْو على زيد وعمرو

ولأبي شجاع ابن الدَّهَّان الفرضيّ فيه:

يا زيدُ زادكَ ربّي من مواهبِهِ ... نُعمى يقصّر عن إدراكها الأمل

لَا بدّل اللَّه حالا قد حباك بها ... ما دار بينَ النُّحاة الحالُ والبدلُ

النَّحْو أَنْتَ أحقّ العالمين بِهِ ... أليس باسمك فيه يضرب المثل؟


[١] أي: مائة سنة، ففي «اللسان» : هنيدة: اسم للمائة من الإبل خاصة، قال جرير:
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية ... ما في عطائهم من ولا سرف
[٢] التقييد ٢٧٥.