السّفر، فأبيت، فألحّ حَتَّى غضبت، وكدت أقتله، وهدّدته، وجذبت السيف، فَقَالَ: ولا بدَّ، ثُمَّ صفَّق بيديه وطار، وخرج من هَذَا الشبّاك. فهذا رجل صحّ معه الكيمياء والسيمياء.
قُلْتُ: وقد سمع من أبي طاهر السلفي، وغيره.
وَحَدَّثَ، رَوَى عَنْهُ: ابنه الملك الصّالح إسْمَاعِيل، والشهاب القوصيّ، وأبو بكر ابن النُّشْبِيّ.
وَكَانَ لَهُ سبعة عشر ولدا، وهم: شمس الدِّين ممدود، والد الملك الجواد، والملك الكامل مُحَمَّد، والملك المُعَظَّم عيسى، والملك الْأشرف موسى، والملك الْأوحد أيوب، والملك الفائز إِبْرَاهِيم، والملك شهَاب الدِّين غازي، والملك العزيز عُثْمَان، والملك الْأمجد حسن، والملك الحَافِظ رسلان، والملك الصالح إسْمَاعِيل، والملك المُغيث عُمَر، والملك القاهر إِسْحَاق، ومُجير الدِّين يَعْقُوب، وتقيّ الدِّين عَبَّاس، وقُطب الدِّين أَحْمَد، وخليل. وَكَانَ لَهُ عدَّة بنات.
فمات في أيامه: شمس الدِّين ممدود، وَيُقَال: مودود، والمغيث عُمَر، وخلّف ولدَا لقّب باسم أَبِيهِ، وَهُوَ المُغيث محمود بن عُمَر، وَكَانَ من أحسن أهل زمانه ربّاه عمُّه المعظّم، ومات سنة ثلاثين وستمائة.
ومات منهم في حياته: الملك الْأمجد، ودُفن بالقُدس، ثُمَّ نُقل فدفن جوار الشهداء بمُؤتة من عمل الكَرَك. وآخر أولاده وفاة عَبَّاس، وَهُوَ أصغر الْأولاد، بقي إلى سنة تسعٍ وستّين وستمائة، وكان مولده في سنة ثلاث وستمائة، وقد رَوَى الحديث.
وَكَانَ العادل من أفراد العالم.
وَتُوُفِّي في سابع جُمَادَى الآخرة بعالقين: منزلة بقرب دمشق. فكتبوا إلى الملك المُعَظَّم ابنه، وَكَانَ بنابُلُس، فساقَ في ليلة، وأتى فصبَّره وصيَّره في محفَّة، وجعل عنده خادما يروّح عَلَيْهِ، ودخلوا بِهِ قلعة دمشق، والدَّوْلَة يأتون إلى المِحفَّة، وسُجُفها مرفوعة، يعني أَنَّهُ مريض، فيقبّلون الْأرض. فلمّا صار بالقلعة أظهروا موته، ودُفن بالقلعة، ثُمَّ نقل إلى تُربته ومدرسته في سنة تسع عشرة، رحمه اللَّه.