للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أظهر الزّغل [١] ، وأفسد عَلَى النَّاس المُعاملة، وما كَانَ محتاج. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الغد أخذ الملك المُعَظَّم ثلاثة آلاف دينار، وطلع إلى عند الشَّيْخ بها، وَقَالَ: هذه تشتري بها ضيعة للزاوية. فنظر إِلَيْهِ، وَقَالَ: قم يا ممتحن يا مبتدع، لَا أدعو اللَّه تنشقّ الْأرض وتبتلعك، ما قعدنا عَلَى السّجاجيد حَتَّى أغنانا، تحتي ساقية ذهب وساقية فضة! أَوْ كما قَالَ.

وَأَخْبَرَنِي إسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، عن أَبِي طَالِب النَّجَّار، قَالَ: أنْكَر الشَّيْخ عَبْد اللَّه عَلَى صاحب بَعْلَبَكّ، وَكَانَ يسمّيه مُجَيد، فأرسل إليه الْأمجد يَقُولُ: إن كانت بَعْلَبَكّ لك فأشتهي أن تُطلقها لي، فلم يبلِّغه رَسُول الْأمجدِ ذَلِكَ.

قَالَ: وأخبرني الإِمَام أَبُو الحسن الموصليّ، قَالَ: حضرتُ مجلس الشَّيْخ الفقيه ببَعْلَبَكّ، وَهُوَ عَلَى المنبر، فسألوه أن يحكي شيئا من كرامات الشَّيْخ عَبْد اللَّه، فَقَالَ بصوتٍ جهير: كَانَ الشَّيْخ عَبْد اللَّه عظيم [٢] ، كنتُ عنده، وقد ظهر من ناحية الجبل سحابة سوداء مظلمة، ظاهر منها العذاب، فَلَمَّا قرُبت قامَ الشَّيْخ وَقَالَ: إلى بلدي؟ ارجعي، فرجعت السّحابة. ولو لم أسمع هذه الحكاية من الفقيه ما صَدّقت.

حَدَّثَنِي الشَّيْخ إسرائيل، أَنَّ الشَّيْخ مُحَمَّدًا السَّكاكيني حدّثه، وَكَانَ لَا يكاد يفارق الشَّيْخ، قَالَ: دعاني إِنْسَان وألحّ عَليّ فأتيته، وخرجت في اللّيل من السُّور من عند عمود الراهب، وجئت إلى الزّاوية، فَإِذَا الشَّيْخ وَهُوَ يَقُولُ: يا مولاي، ترسل إليّ النَّاس في حوائجهم؟ من هُوَ أَنَا؟ اقضها أَنْتَ لهم يا مولاي، إِبْرَاهِيم النَّصْرَانيّ من جُبَّة بشري [٣] يا مولاي، ودعا لَهُ، فبهتّ لِذَلِكَ، ونمتُ ثُمَّ قمتُ إلى الفَجْر، وبقيت يومئذ عنده. فَلَمَّا كَانَ اللّيل وَأَنَا خارج الزَّاوية، إذا بشخص


[١] الزغل: العملة المغشوشة.
[٢] هكذا بخط المؤلف في الأصل، والصواب: عظيما.
[٣] في المطبوع من تاريخ الإسلام (الطبقة ٦٢) ص ٣٠٧ «بشرين» وهذا غلط، والصواب ما أثبتناه.
وبشري: بتشديد الراء وفي آخره الياء آخر الحروف. وهي بلدة بسفح جبال الأرز من شمال لبنان أهلها نصارى موارنة.