للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ مهيبا، قويَّ النّفس، مِقْدامًا، فاضلا، وَلَهُ شعر. وَقَدِمَ مِصْر غير مرَّة. أملى عَليّ نسبه أخوه الشريف عيسى، فذكر ما تَقَدَّم.

وَقَالَ أَبُو شامة [١] : كَانَ قَتَادَة شيخا مهيبا، طُوالًا، وما كَانَ يلتفت إلى أحدٍ، لَا خليفة ولا غيره. وَكَانَ تُحمل إِلَيْهِ من بَغْدَاد الخلع وَالذَّهَب. وَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أحقّ بالخلافة من النّاصر لدين اللَّه. وَكَانَ في زمانه يؤذّن بالحرم ب «حيّ عَلَى خَيْر العَمَل» عَلَى مذهب الزَّيدية، وقد كتب إليه الخليفة يَقُولُ: أَنْتَ ابن العمّ والصاحب، وقد بلغني شهامتك وحِفظك للحجيج، وعدْلُك، وشرفُ نفسك، ونزاهتك، وأنا أحبّ أن أراك وأحسن إليك. فكتب إلى النّاصر لدين اللَّه:

ولي كفُّ ضِرغامٍ أدُلّ [٢] ببطشها ... وأشْري بها بين الورى وأبيعُ

وكلُّ مُلوكِ الْأرضِ تلثُمُ ظَهرها ... وفي بطنها [٣] للمجدبين ربيع

أجعلها تحت الرَّحَى ثُمَّ أبتغي ... خلاصا لها إِنّي إذا لرقيع

وما أنا إِلَّا المسكُ في كلّ بُقعةٍ ... يضوع وأمّا عندكم فيضيع [٤]

تُوُفِّي بمَكَّة في جُمَادَى الأولى.

وَقَالَ المُنْذِريّ: تُوُفِّي في أواخر جُمَادَى الآخرة [٥] .

وَقَالَ ابنُ واصل [٦] : وثب ابنه حسن بن قتادة عَلَى عمِّه فقتله، فتألّم قَتَادَة، وغضب عَلَى ابنه وتهدّده. فدخل حسن مَكَّة وقصد دار أبيه فدخل، فَلَمَّا رآه أَبُوه- وَهُوَ شيخ كبير متمرّض- شتمه وتهدّده، فوثب عَلَى أَبِيهِ، فخنقه لوقته، ثُمَّ خرج وَقَالَ: قد اشتدّ مرض أَبِي، وقد أمركم أن تحلفوا لي، فحلفوا لَهُ وتأمّر. ثُمَّ طلب


[١] في ذيل الروضتين ١٢٣.
[٢] في ذيل الروضتين: «أذل» .
[٣] في ذيل الروضتين: «وسطها» .
[٤] والأبيات في: الدر المطلوب ٢٦٥، والمختصر في أخبار البشر ٣/ ١٣٠، ١٣١، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ١٤٣.
[٥] أما ابن الأثير في «الكامل» وابن واصل في «مفرّج الكروب» فذكرا وفاته سنة ٦١٨.
[٦] في مفرّج الكروب ٤/ ١٢٢، ١٢٣.