النَّاس، وخرجت الدّولة للقائه، وإذا بِهِ رجل صوفيّ، وخلفه صوفيّ قد رفع عُكّازًا عَلَى رأسه، ومعه اثنان من عسكره، ورسول صاحب إربل، فصعد القلعة، وَقَالَ بحضرة الْأمراء: سلطان السلاطين يسلّم عليكم، ويعتُب إِذْ لم تهنئوه بفتح العراق وأَذْرَبِيجَان، وَإنَّ عدد عسكره قد بلغ سبعمائة ألف، فأحْسنوا المعذرة بأن قَالُوا: نَحْنُ في حُزن بموت ملكنا وضعف في نفوسنا وَإِذَا بسطنا فنحن عبيده.
وَكَانَ كلامه وشكله يشهد بقلة عقل مُرسله. ثُمَّ توجّه إلى الملك العادل بدمشق، فَقَالَ: سلطان السلاطين يسلّم عليك، وَقَالَ: تصل الخدمة، فقد ارتضيناك أن تكون مُقدّم الركاب. فَقَالَ: السَّمْع والطاعة، ولكن لنا شيخ هو كبيرنا نشاوره، فَإِذَا أمر حضرنا، قَالَ: ومن هُوَ؟ قَالَ: أمير المؤمنين. فانصرف، وَالنَّاس يهزءون منه.
قَالَ: وسمعنا أَنَّهُ جعل عزّ الدِّين كَيْكَاوِس صاحب الروم أمير علم لَهُ، والخليفة خطيبا، وكلّ ملك جعل له خدمة! وأمّا الملوك الدّين كانوا بحضرته، فَكَانَ يذلّهم ويهينهم أصنافَا من الإهانات، فَكَانَ إِذَا ضُرب لَهُ النُّوبة يجعل طبول الذَّهَب في أعناق الملوك وهم قيام يضربون، وَهَذَا يدلّ عَلَى اغتراره بدُنياه وقِلَّة ثِقته باللَّه تعالى.
ثُمَّ إِنَّهُ وصل همذان وأصبهان، وبثّ عساكره إلى حلوان وتُخوم إربل، وواصله مُظَفَّر الدِّين بالمُؤن والْأزواد، وخافه أهلُ بغداد، فجمعوا وحشدوا واستعدّوا للحصار واللّقاء جميعا، ثُمَّ إنّ اللَّه أجراهم عَلَى جميل عادته في أن يدافع عَنْهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ اختلّت عَلَيْهِ بلاد ما وراء النهر، فرجع على عقبيه، وقهقر، لَا يدري ما خلفه ممّا بين يديه. وأيضا فَإِنَّهُ لَمَّا وصل حلوان نزل عليهم ثلْج ونوء عظيم. فَقَالَ بعض خواصّه: هَذَا من كرامات بيت النّبوّة.
وَلَمَّا أَبَاد أمَّتي الخَطا والتَّتَر وهم أصحاب الْجَند وتُركستان وتَنْكت ظهرت أمم أخر يسمون التَّتَر أَيْضًا، وَهُوَ صنفان: صنف يسكنون طمغاج وما يليها، ويسمّون الإيوانية، وصنف يسكنون ممّا يلي الهند وصين الصّين بجبلٍ يُسمى سَنك سُلاخ وفيه خرق إلى الهند، ومنه دخل السُّلْطَان مُحَمَّد هَذَا إلى الهند، فجاءهم