للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّيّ، وجرى بينَهم وبينَ جلال الدِّين حروبٌ. وكان هؤلاء التّتار قد سخط عليهم جِنكزخان وأبعدَهم، وطرد مقدَّمهم، فقصد خُراسانَ، فرآها خرابا، فقصد الرَّيّ ليتغلَّبَ على تلك النّواحي، فالتقى هو وجلال الدِّين، فاقتتلوا قتالا شديدا، ثمّ انهزم جلالُ الدِّين، ثمّ عاود بمن انهزم، وقصد إصْبَهان، وأقام بينَها وبينَ الرَّيّ، وجمع جيشه، وأتاه ابن أتابَك سعدٍ بعد وفاة والده. ثمّ عاد جلال الدِّين، فضرب مع التّتار رأسا، فبينما هُمْ مصطفّون انفرد غياثُ الدِّين أخو السُّلطان، وقصد ناحية، فظنّهم التّتار يُريدون أن يأتوهم مِن ورائهم، فانهزموا، وتبِعهم صاحبُ بلاد فارس.

وأمّا جلالُ الدِّين، فإنَّه لَمّا رأى مفارقة أخيه له، ظنَّ أنّ التّتر قد رجعوا خديعة ليستدرجوه، فانهزم أيضا، ولم يجسر أن يدخل إصْبَهان خوفا من الحصار، فمضى إلى شُبرم.

وأمّا صاحب فارس، فلمّا ساق وراء التّتار، وأبعد ولم يَرَ جلال الدِّين، خاف ورَدّ عن التّتار، ورأى التّترُ أنَّه لا يطلُبهم أحدٌ فوقفوا، وردُّوا إلى إصْبَهَان وحاصروها، وظنُّوا أنّ جلال الدِّين قد عُدِمَ، فبينما هُم كذلك، إذ وصل إليهم قاصدٌ من جلال الدِّين يُعرِّفهم بأنَّه سالم، وأنّه يجمع، ويُنجد أهل إصْبَهان، ففرح أهلُ البلد، وقويت نفوسهم، وفيهم شجاعة طبيعيّة، فقَدِمَ عليهم، ودخل إليهم، ثمّ خَرَج بهم، فالتقوا التّتارَ، فانهزم التّتارَ أقبح هزيمةٍ، فساق جلال الدِّين وراءَهم إلى الرَّيّ قتلا وأسرا، وأقام بالرَّيّ، فأتته رُسُل ابن جنكزخان يقول: إنّ هؤلاء ليسوا من أصحابي، وإنّما نحن أبعدناهم، فاطمأنّ جلالُ الدِّين من جانب ابن جنكزخان، وعاد إلى أَذْرَبَيْجَان..

وأمّا غياث الدِّين أخوه، فقصد خوزستان، فلم يُمكّنْهُ نائبُ الخليفةِ من دخولها، فقصد بلادَ الإسماعيليَّة، والتجأ إليهم، واستجارَ بهم. فقصد جلالُ الدِّين بلاد الإسماعيليّة لِينهبها إنْ لمْ يُسلّموا إليه أخاه، فأرسل مقدَّمُهم يقول:

لا يجوز لنا أن نُسلِّمه إليك، لكن نحن نُنزله عندنا، ولا نمكِّنه أنْ يقصِدَ شيئا من بلادك، والضّمان علينا. فأجابهم إلى ذلك، وعاد فنازل خلاط [١] .


[١] انظر خبر (الموقعة) في: الكامل في التاريخ ١٢/ ٤٧٦- ٤٧٧، وسيرة جلال الدين منكبرتي