للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدِّين مُحَمَّد بن تُكش بن أرسلان بن آتسِز بن مُحَمَّد بن نُوشْتَكين، الخُوارزْميّ.

لَمّا قصد جنكزخان بجيوشه بلاد ما وراء النّهر لخلُوّها من العساكر إذْ هُم مع السُّلطان علاء الدِّين بهَمَذَان، رَجَعَ علاءُ الدِّين مُسْرعًا وسيَّر ولده جلالَ الدِّين هذا في خمسة عشر ألفا بين يديه، فتوغَّل في البلاد، فأحاطَ به جنكزخان بجيوشه، فطَحَنُوه، وتخلَّص بعد الْجُهْد، وتَوَصَّل إلى أبيه.

ولَمّا زَال مُلْكُ أبيه وماتَ غريبا تقاذفت بجلال الدِّين البلاد، فرمته بالهِند، ثمّ أَلقتهُ الهندُ إلى كِرمان، ثمّ إلى سَوَادِ العراق. وساقته المقاديرُ إلى بلاد أَذْرَبَيْجَان وأرَّان، وغَدَرَ بأتابكَ أزْبك، وأخرجَهُ من بلاده، وأخذَ زوجتَهُ بنت السُّلطان طُغْرِيل وتزوّجَ بها، وعَمِلَ مَصَافًا مع الكُرْج، فَكَسَرَهُم كسرة لا انجبارَ معها، وقتلَ مُلوكَهُم، وقوي أمرُه وكثُرت جموعُه، وافتتح تَفْليس، وتقلّبت به الأَحوال.

حكى الشهاب النَّسَويّ في «سيرة خُوارزم شاه» [١] قال: كَانَ جلالُ الدِّين أسمرَ قصيرا، تركيَّ الجسارة والعبارة. وكان يَتَكَلَّمُ بالفارسية أيضا. وأمّا شجاعتُه، فحسْبُكَ منها ما أوردتُه من وقعاته، فكان أسدا ضِرغامًا، أشجعَ فرسانه إقداما. وكان حليما لا غَضُوبًا ولا شَتَّامًا، وقورا، لا يَضْحَكُ إلّا تَبَسُّمًا، ولا يُكثر كلاما. وكان يختار العَدْلُ غير أنّه صادف أيام الفتنة فغلب.


[ () ] الموضع الّذي أشار إليه المؤلف في الترتيب، كما لم نعد صياغة الاسم- كما فعل بعض النساخ- حينما قدموا «جلال الدين» على «خوارزم شاه» ليتسق الترتيب المعجمي في وفيات السنة. وراجع «سير أعلام النبلاء» : ٢٢/ ٣٢٦ فما بعد. (عن الدكتور بشار عواد معروف في تحقيقه لتاريخ الإسلام- الطبقة الثالثة والستون- ص ٢٨٣) . وانظر عن (خوارزم شاه) في:
سيرة جلال الدين للنسوي ٣٨٢، والكامل في التاريخ ١٢/ انظر فهرس الأعلام ١٣/ ٧٩، ومرآة الزمان ج ٨ ق ٢/ ٦٦٨- ٦٧١، والأعلاق الخطيرة ج ٣ ق ١/ ١٤٢، ق ٢/ ٤٥٦- ٤٦٤، ٥٢٠، ٥٣٩، ٥٤٠، ومفرّج الكروب ٤/ ٣٢٠- ٣٢٤، وأخبار الأيوبيين لابن العميد ١٣٩، والفخري ٣٢٥، والمختصر في أخبار البشر ٣/ ١٤٧، وسير أعلام النبلاء ٢٢/ ٣٢٦- ٣٢٩ رقم ١٩٨، ودول الإسلام ٢/ ١٣٤، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ١٥٣- ١٥٧، ومرآة الجنان ٤/ ٦٧، ٦٨، والبداية والنهاية ١٣/ ١٣٢، وتاريخ الخميس ٢/ ٤١٤، والسلوك ج ١ ق ١/ ٢٤١، والعسجد المسبوك ٢/ ٤٤٧، ٤٤٨، والنجوم الزاهرة ٦/ ٢٧٨، وشذرات الذهب ٥/ ١٣٠.
[١] نشرها حافظ حمدي بالقاهرة سنة ١٩٥٣.