للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرتفع يُذهب المصدر الّذي دلّ عليه ذهَب وهُوَ الذّهاب. وعلى هذا فموضعُ الجار والمجرور الّذي هُوَ به النّصْب، فيجيء من باب: زيد مررت به إذ يجوز في زيد النصب وكذلك ها هنا. فاستحسن السُّلطان جوابه وأمره بالسفر إلى مصر، فسافر إليها، وقرّر لَهُ معلوما جيّدا، لكنّه لم تطل حياته بعد.

قال القاضي ابن خَلّكان [١] : هُوَ أحد أئمّة عَصره في النَّحْو واللّغة. أقرأ بدمشق خَلْقًا كثيرا، وصَنَّف. ثمّ أَرْغَبَهُ الملكُ الكاملُ فانتقل إلى مصرَ، وأشغل بها.

وزواوة: قبيلة كبيرةٌ بظاهرِ بجاية من عمل إفريقية.

قلتُ: وهُوَ من أهل الجزائر.

قرأ العربيّة على أبي موسى عيسى بن يَلَلْبَخت الْجُزولي. وورد دمشق، وخدم في مواضع جليلة. وكانت لَهُ حَلَقةُ إشغال بالتُّربة العادلية. ولَمّا حضرَ الملك الكامل إلى دمشق تكلَّم عنده، فأعجبه كلامُه، وخلع عليه.

ولَهُ مُصَنَّف في عِلم العَرُوض.

ومن آخر من قرأ عليه العربيَّة شيخُنا رضيّ الدِّين أبو بكر القُسَنْطِينيّ النَّحْويّ.

ولَهُ قصيدة طَنَّانة في الملك الأَمجد صاحب بَعْلَبَكّ، وهي طويلة منها:

ذَهَبَ الشَّبابُ ورَوْنَقُ العُمْرِ الشَّهِي ... وأَتَى المَشِيبُ ورَوْنَقُ النّورِ البَهِي

وجَلَا بِهِ لَيْلُ الذُّؤابَة فجره ... وأتى بناه من نُهاه مُمَوَّهِ

وأَطَارَ نَسرُ الشيبِ غِرْبَانَ الصِّبا ... فَنَعيْنَ في إثر الشَّبابِ المُنتهي

وَوَهَتْ قُوى الآمالِ مِنْهُ ومَا وَهَتْ ... هِمَمٌ أَبَيْنَ على الحَوادِثِ أنْ تَهِي

ما أَنْسَ لا أَنْسَ اللَّوى وتَنَعُّمي ... فِيه بِخُرَّدِهِ الحِسانِ الأَوْجُهِ

[٢] تُوُفّي في سَلْخ ذي القِعْدَة، ودُفن بالقَرَافة، ولَهُ أربع وستّون سنة.


[١] في «وفيات الأعيان» : ٦/ ١٩٧.
[٢] وله شعر في: معجم الأدباء ٢٠/ ٣٦.