للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حمدا فَكَمْ بَلْوى بِفَقْدِ أَحِبَّةٍ ... كَادَتْ لِفَقْدِهِم السَّماءُ تَمُورُ

كَانُوا نُجُومًا يَهْتَدِي السَّاري بِهِم ... بَلْ هُمْ عَلى مَرِّ الزَّمَانِ بُدُورُ

فَقَدَتْ جَمَالَ الدِّين سُنَّةُ أَحْمَدٍ ... ومَساجِدٌ ومَجَالِسٌ وصُدُورُ

مَنْ ذَا يَقُومُ بِوعْظِهِ فِي قَلْبِ مَنْ ... غَطَّى عَلَيْه غَفْلَةٌ وَغُرُورُ

حَتَّى تَلِينَ قُلُوبُهم مِنْ بَعْدِ مَا ... حَاكَى قَسَاوَتَها صَفًا وصُخُورُ

مِنْ لِلحَدِيثِ وأَهْلِه يا خَيْرَ مَنْ ... قَرَأَ الأَحَادِيثَ الَّتي هِيَ نُورُ

مَنْ لِليتَامَى والأَرَامِلِ مَنْ لذي ... الحَاجَاتِ إنْ ضَاقَتْ عَلَيْهِ أُمُورُ

أَمَّا القُبُورُ فَلَا تَزَالُ أَنيسَة ... بِمَكَانِ قَبْرِكَ وَالدِّيار قُبُورُ

جَلَّتْ صَنائِعُهُ فَعمَّ مُصَابُه ... فَالنَّاس فِيهِ كُلُّهُم مَأْجُورُ

في أبيات أُخَر.

وقرأت بخطِّ محمد بن سَلَّام في ترجمة الجمال أبي موسى قال: وعَقَدَ مجلسَ التّذكير وقراءة الْجُمَع، ورغب النّاسُ في حُضوره. وكان جمَّ الفوائد.

كَانَ يُطرّز مجلسه بالخُشوع والبُكاء، وإظهار الجزع. قال: وسمعت أبا الفتح ابن الحاجب يقول: لو اشتغل أبو موسى حقَّ الاشتغال ما سبقه أحد، ولكنّه تارك. قال: وسمعتُ أبا الفَرَج بن أبي العلاء الحَنْبَليّ الفقيه يقول: الجمالُ كثير المَيْل إليهم- يعني السلاطين-. وسمعتُ أبا عبد الله الحافظ مذاكرة يَصفُ ما قاسي أبو موسى من الشدائد والجوع والعُري في رحلته إلى إصْبَهان وإلى نَيْسابور.

وقال أبو المُظَفَّر الْجَوْزيّ [١] : كَانَ الجمالُ ابن الحافظ، أحوالُه مستقيمة حَتّى خالَطَ الصالح إسماعيلَ وأبناءَ الدُّنيا، فتغيَّرت أحوالُه، وآل أمرُه إلى أن مرض في بستان الصالح على ثورا [٢] وماتَ فيه، فكفّنه الصالح وصَلَّى عليه.

وقال غيرُه: وقفَ الملك الأشرفُ دار الحديث بدمشق، وجعل للجمال أبي موسى وذرّيته رِزْقًا معلوما، ومسكنا بعلوّ دار الحديث.


[١] في «مرآة الزمان» : ٨/ ٦٧٤- ٦٧٥.
[٢] هو أحد أنهار دمشق السبعة، كان يسقي عدة قرى من الغوطة الشرقية وينتهي إلى قرية حرستا.