للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عني بالحديث أتمّ عناية، وأوّل سماعه سَنَة ستٍّ عشرة بعد موت ابن ملاعب فسمع من: هبة الله بن الخضر بن طاووس- وهُوَ أقدم شيخٌ لَهُ-، وموسى بْن عَبْد القادر، والشيخ المُوفَّق، وابن أبي لُقمة، وابن البنّ، وطبقتهم بدمشق. والفتح بن عبد السلام، وطبقته ببغداد. وعبد القويّ ابن الجبّاب، وطبقته بمصر. وسَمِعَ بإربل، والمَوْصِل، والإسكندرية، والحجاز. وعمل «معجم» البقاع والبلدان التي سمع بها، و «معجم» شيوخه وهم ألف ومائة وبضعة وثمانون نفسا.

قال الحافظ زكيّ الدِّين المُنذريّ [١] : يقال إنَّه لم يبلغ الأربعين. وكان فهما، متيقّظا، محصّلا. جمع مجاميع. وكانت لَهُ همّة. وشرع في تصنيف «تاريخ» لدمشق مذيّلا على الحافظ أبي القاسم.

وقرأت بخطّ السيف ابن المجد، قال: خرّجه خالي الحافظ، ثمّ طلب وسافر، وسَمِعَ منه الزَّكيّ البِرْزَاليُّ، وأبو موسى الرّعينيّ، والجمال ابن الصّابونيّ، وغيرهم، وخرّج لَهُ وللمشايخ تخاريج كثيرة.

وقد كتب ابن الكريم على «معجمه» بالبقاع:

هذا كتاب حوى فضلا مؤلّفه ... الحافظ الخير عزّ الدِّين ذو الفطن

من فضله شاع في شامٍ وسار إلى ... أرض العراق إلى مصر إلى عدن

قال السيف: وسمعت غير واحد يحكي أنّ جماعة منهم البِرْزَاليُّ سمعوا أجزاء على شيخ، ثمّ تقاسموا أنّهم لا يُظهرون ذلك- زادني عبد الرحمن بن هارون أنّ الشيخ كَانَ عبد الرحمن بن عُمَر النسّاج- فسهّل الله ظهور عمر ابن الحاجب عليه من غير جهتهم، فجمع جماعة، وجاء فسمعه عليه، واشتهر، وحجَّ معادلا للتقيّ أحمد ابن العزّ، فكان يمشي كثيرا لطلب السماع في الأماكن من أقوامٍ في الرّكب، وكان التقيّ يتأذّى بركوبه وسط الجمل. ورأيته حين قَدِمَ بغداد صام أوّل يوم قَدِمَها، إذ قيل: إنّ الفَتْح بن عبد السلام في الأحياء. وكان يصوم كثيرا يستعين بذلك على طلب الحديث. وأقام ببغداد مُدَّة اشتهر، فما ونى ولا فتر، كان يسمع ويكتب وكان المحدّثون ببغداد يتعجّبون


[١] في التكملة ٣/ ٣٤٦.