وسمع من: أبي الفتح الخرقيّ، وخليل الدّارانيّ، ومسعودٍ الجمَّال، وأَبِي المكارم اللَّبان، وأَبِي جعفرٍ الصَّيْدلانيّ، وجماعةٍ من أصحاب الحداد، وفاطمة الْجُوزَدَانيَّة.
وعُنِيَ بالحديث، وكَتَبَ، وحصَّل الأصولَ. وكانَ محمود الصحبة، حسنَ الطريقَة، متديّنا. دخلَ خُوارزمَ، فأثرى بها، وكَثُرَ ماله. ثم عاد إلى أصبهان، وجَمَعَ شيئا كثيرا من الكتب. ثم عاد إلى خُراسان، وعبرَ النهر. وسَكَنَ بُخاري مدّة إلى أن دخلها العدوّ واستباحوها، فأحرقت كتبه، وراحت أمواله، وهرب إلى الجبال والشّعاب. فلمّا جعلوا بها شحنة، عاد أبو رشيد إليها، وبقي يشتري من كتب النهب بأيسر ثمن. وكان يحفظ ويفهم مع ثقة، ودين، ومروءة.
توفّي ببخارى في شوّال في هذه السنة.
روى عنه سيف الدّين الباخرزيّ، وحافظ الدّين محمد بن محمد البخاريّ شيخ بخارى، وابن النجّار، وقالَ: قَدِمَ علينا بغدادَ فِي آخر سنة ستّ وتسعين وخمسمائة، فسمعَ من أصحاب ابن الحُصين. وكُنَّا نَصْطَحِبْ كثيرا. وسِمعَ بقراءتي، وسمعتُ بقراءته. وكان محمود الصّحبة، متديّنا. ثم رَحَلَ إلى خُراسان وسمع بها الكثير، وبما وراءَ النهر، وأقامَ بمرو يقرأ على شيخنا أبي المظفّر ابن السَّمْعاني، ويكتبُ عَنْهُ فلعلَّه سَمِعَ أكثر ما كَانَ عنده. ثم قدِمَ علينا هراة وكنتُ بها سنة إحدى عشرة، فأقام نحوا من سنة يكتبُ ويسمعُ ويْحصِّلُ بهمَةٍ وافرةٍ وجدّ واجتهادٍ شديدٍ، ويكتبُ العاليَ والنازلَ. إلى أن قَالَ: وكانَ يرجعُ إلى فضْل، وحفظٍ، ومعرفةٍ، وإتقان، وصدقٍ، ومروءةٍ ظاهرةٍ، وديانةٍ، وصلاحٍ. حَدَّثَنَا أَبُو رشيدٍ ببغداد، أخبرنا إِسْمَاعِيل بْن غانم، أخبرنا أبو سعدٍ المُطرِّز- فذكر حديثا.
٥٧- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد [١] بْن أَبِي بَكْر.
أَبُو سَعْد الشَّهْرَستْانيّ الصُّوفيّ.
توفّي بدمشق فِي ذي الحجّة.
[١] انظر عن (محمد بن محمد) في: التكملة لوفيات النقلة ٣/ ٣٧٥ رقم ٢٥٥٦.