للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمُعَاوِيَة من عقله، فلما صفا الأمر لمعاوية وفد إليه. فأمر لَهُ بجائزة عظيمة [١] ، وقد غزا سَعِيد طبرستان في إمرته عَلَى الْكُوفَة، فافتتحها، وفيه يقول الفرزدق:

ترى الغُر الجحاجح [٢] من قريش ... إذ مَا الأمر دون الحَدَثَان عالا

قِيَامًا ينظرونَ إِلَى سَعِيد ... كأَنَّهُم يَرَوْنَ بِهِ هِلالا [٣]

وَقَالَ ابن سعد [٤] : تُوُفِّيَ رَسُول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ ولسَعِيد بن العاص أَبِي أحَيحة [٥] تسع [٦] سنين أَوْ نحوها.

وَلَمْ يزل في نَاحِيَةِ عُثْمَان لقرابته مِنْهُ، فاستعمله عَلَى الْكُوفَة لَمَّا عزل عنها الْوَليد بن عُتبة، فقدِمها سَعِيد شابًا مترفًا، فأضر بأَهْلها إضرارًا شديدًا، وعمل عليها خمس سنين إِلَّا شهرًا، ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ أَهْل الْكُوفَة وطردوه، وأمَّروا عليهم أبا موسى، فأبى عليهم، وجدد البيعة في رقابهم لعُثْمَان، وكتب إليه فاستعمله عليهم.

وَكَانَ سَعِيد بن العاص يَوْم الدار مع عُثْمَان يقاتل عَنْهُ، وَلَمَّا خرج طلحة والزبير نَحْوَ الْبَصْرَةِ خرج معهم سَعِيد، ومروان، والمغيرة بن شُعبة، فلما نزلَوْا مَرَّ الظهران قَامَ سَعِيد خطيبًا، فحمد اللَّه، وأثني عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أما بَعْد، فإن عُثْمَان عاش حميدًا، وخرج شهيدًا، فضاعف اللَّه لَهُ حسناته، وقد زعمتم أنكم خرجتم تطلبون بدمه، فإن كنتم تريدون ذلك، فإن قَتَلَةَ عُثْمَان عَلَى صدور هَذِهِ المطي وأعجازها، فميلَوْا عليهم بأسيافكم، فَقَالَ مروان: لَا بل


[١] انظر تهذيب تاريخ دمشق ٦/ ١٣٦.
[٢] الجحاجح، مفردها جحجاح: السيد الكريم. وفي الأصل «الحجاحج» والتصحيح مما يأتي.
والغرّ: جمع أغرّ، وهو الأبيض الغرّة.
[٣] البيتان في ديوان الفرزدق ٦١٥، ٦١٦، وطبقات الشعراء لابن سلام ٣٢١، والأغاني ٢١/ ٣٢١، ومعجم الأدباء ٧/ ٢٥٨، وسيرة ابن هشام ١/ ٢٧٧ وأنساب الأشراف ٤/ ٤٣٨، ونسب قريش ١٧٦، وتهذيب تاريخ دمشق ٦/ ١٣٦، وأمالي المرتضى ١/ ٢٩٦، وخزانة الأدب ٣/ ٧٤، والوافي بالوفيات ١٥/ ٢٢٨، والاستيعاب ٢/ ١٠، وتهذيب الكمال ١٠/ ٥٠٤.
[٤] الطبقات الكبرى ٥/ ٣١.
[٥] في الأصل «بن أبي أحيحة» ، والتصويب من (المحبّر) .
[٦] في طبعة القدسي «سبع» وهو غلط.