وهو من بيتِ الحديث والرِّواية، كان جَدُّه أَبُو القاسم مُحَدَّث الشام فِي وقتِه، سَمِعَ ما لا يُوصَفُ كثرة وأخذَ عَنْهُ السِّلَفِيّ، وابنُ عساكر. وكان أَبُوه عَبْد اللَّه من بقايا المسندين بدمشق رَوَى عَنْهُ الحافظ أَبُو سعد السَّمعانيّ مَعَ تقدَّمِه وذكره فِي «تاريخ بغداد» .
وكانَ أَبُو طَالِب مشهورا بالصلاحِ، والدّين، والفضيلةِ عَلَى طريقة الصوفية.
وله كلامٌ فِي الطريقِ، وكانَ مليحَ الشكلِ، كريمَ النفسِ، مُطَّرحًا للتكلُّف، يَخْضبُ بالحِنَّاءِ. وكانَ كثيرَ الأسفارِ، ثم صارَ شيخا للحديثِ بالعزيَّة التي عَلَى الشَّرف.
رَوَى عَنْهُ ابنُ الحُلْوانية فقالَ: أخبرنا الشيخُ العابدُ الوَرع شيخُ الطائفة، ثم ذكر حديثا. وسعدُ الخيرِ بنُ أَبِي الفَرَج النابُلُسي، وأَبُو عَلِيّ ابنُ الخَلَّال، والشرفُ أَحْمَد بن عساكر، وابنُ عمِّه الفخرُ، وأَبُو الفضل مُحَمَّد الذهبيُّ، وأبو المحاسن ابن الخرقيّ، والجمال عبد الله الجزائريّ، والعلاء ابن البَقَّال، وجماعةٌ.
تُوُفّي فِي سابع المحرَّم بدمشق.
وكانت لَهُ دنيا وثروةٌ فأبادَها وتَزَهَّدَ، وجاوَرَ مدّة. ثم لَمَّا قَدِمَ أَبُو حفص السُّهْرَوَرْدِي دمشقَ، لَبِسَ منه وصَحِبهُ إلى بغداد وسَمِعَ بها من أبي أحمد عبد الوهاب بن سُكَيْنَة.
قَالَ ابنُ النجّار: لم أرَ إنسانا كاملا غيرَه، اجتمعتُ بِهِ كثيرا ببغداد ودمشقَ وبيتَ المقدس. وهو زاهدٌ عابد، وَرعٌ، تقيُّ، كثيرُ الصلاةِ والصيامِ، كتبَ بخطِّه الكثير.
٤٩٩- مُحَمَّد بن عَبْد الكريم [١] بْن يحيى بْن شُجاع بْن عَيَّاش.
رشيدُ الدين، أَبُو الفضلِ، القَيْسيُّ، الدّمشقيّ، المحتسب، المعروف بابن الهادي.
[١] انظر عن (محمد بن عبد الكريم) في: التكملة لوفيات النقلة ٣/ ٥٣٤ رقم ٢٩٣٥، والإشارة إلى وفيات الأعيان ٣٤٠، والعبر ٥/ ١٥٥، وسير أعلام النبلاء ٢٣/ ٧٠ دون ترجمة، والوافي بالوفيات ٣/ ٢٨١ رقم ١٣٢٣، والعسجد المسبوك ٢/ ٤٩٥، والنجوم الزاهرة ٦/ ٣١٧.