للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١] قال: فإنّهم إذا تركوهم جَهِلوا من الحقِّ عَلَى قدر ما تركوا من هؤلاء فإنَّ للحقّ فِي كلّ معبود وَجْهًا يَعرفُه مَنْ يعرفه، ويَجهلُه من يجهلُه من المحمّديّين وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ١٧: ٢٣ [٢] أي: حَكَمَ، فالعالمِ يَعلمُ مَنْ عَبَد، وفي أيِّ صورة ظهرَ حتى عُبِدَ، وإنّ التفريقَ والكثرة كالأعضاء فِي الصورة المحسوسة، وكالقوى المعنوية فِي الصورة الروحانية، فما عُبِدَ غيرُ اللَّه في كل معبود. إلى أن قَالَ: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ ٧١: ٢٥ [٣] فهي التي خَطَت بهم فغرقوا فِي بحارِ العلم باللَّه، وهو الحيرة فَأُدْخِلُوا ناراً ٧١: ٢٥ [٤] فِي عين الماءِ فِي المحمّديّين وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ ٨١: ٦ [٥] سَجَّرتَ التنورَ: إذا أوقدته فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ من دُونِ الله أَنْصاراً ٧١: ٢٥ [٦] فكان الله عين أنصارهم، فهلكوا فيه إلى الأبد فلو أخرجهم إلى السّيف [٧]- سيف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجَة الرفيعة، وإن كانَ الكُلُّ للَّه وباللَّه، بل هُوَ اللَّه. وقال فِي قولِه: يَا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ ٣٧: ١٠٢ [٨] فالوالد عينُ أَبِيهِ، فما رأى يَذْبَحُ سوى نفسِه، وفداه بذبح عظيم، فظهرَ بصورة كَبْش مَنْ ظهر بصورة إنسان، لا بل بحكم ولد مَنْ هُوَ عين الوالد، وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها ٤: ١ [٩] فما نَكَحَ سوى نفسه فمنه الصاحبة والولد والأمر واحد فِي العدد. وفيه:

فيَحمَدُني وأحمدُه ... ويعبدُني وأعبدُه

ففي حالٍ أُقِرُّ بِهِ ... وفي الأعيانِ أجحدُه

فيعرفُني وأنِكرُه ... وأعرِفُه فأَشْهَدُه

وقال: ثم تَمَّمَها مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بما أخبرَ بِهِ عن الحقّ تعالى بأنّه عين السمع


[١] سورة نوح، الآية ٢٣.
[٢] سورة الإسراء، الآية ٢٣.
[٣] سورة نوح، الآية ٢٥.
[٤] السورة والآية نفسها.
[٥] سورة التكوير، والآية ٦.
[٦] سورة نوح، الآية ٢٥.
[٧] كتب في حاشية الأصل: «يعني الساحل» .
[٨] سورة الصافات، الآية ١٠٢.
[٩] سورة النساء، والآية ١.