الكامل أنْ مات، وتملّك الملك الجواد دمشق. وكان جوادا كلقبه، ولكن كان حوله ظلمة. وهو مبذّر لما في الخزائن.
قصد النّاصر داود والتقاه فانهزم النّاصر. وكان المصافّ على مكان يقال له ظهر حمار، فاحتوى الجواد على خزائن النّاصر وذخائره، ثمّ دخل نابلس ونزل بدار المعظّم، واحتوى على ما فيها. وولّى نوّابه بالقدس وأعمالها. فلمّا بلغ العادل بن الكامل ذلك خاف منه وأمره بردّ بلاد النّاصر إليه وبالرّجوع إلى دمشق. فترحّل ودخل دمشق في تجمّل عظيم، وزيّنت دمشق زينة ما سُمِع بمثلها، وتمكّن واستقلّ بالسّلطنة، إلّا أنّ الخطبة للعادل قبل الجواد، فانتدب لَهُ عماد الدّين ابن شيخ الشّيوخ.
وفي وقعة ظهر الحمار يَقْولُ الحمّاد بْن عَبْد، وأجاد:
يا فقيها قد ضَلَّ سبيلَ الرّشاد ... لَيْسَ يُغْني الْجِدال يوم الْجِلادِ
كيف يُنْجي ظهرُ الحمار هزيما ... من جوادٍ يكرّ فوق جوادِ
وكان يحبّ الصّالحين والفقراء. وتقلّبت بِهِ الأحوال وعجز عَن مملكة دمشق وتقلقل، فكاتب الملك الصّالح نجم الدّين ابن الكامل فقدم وسلّم إليه دمشق وعوّضه بسنجار وعانة. وسار إلى الشّرق فلم يتمّ له الأمر وأخذت منه سنجار وبقي في عانة. وسار إلى بغداد وأنعم عليه، وباع عانة للخليفة بجملة من الذّهب.
ثمّ سار إلى الدّيار المصريّة وافدا على الملك الصّالح، فهمّ بالقبض عليه، فتسحّب إلى الكرك إلى عند الملك الصّالح، فقبض عليه، ثمّ انفلت منه وقدم على الملك الصّالح إسماعيل صاحب دمشق، فلم يبشّ لَهُ. فقصد ملك الفرنج الَّذِي بالسّاحل، صيدا وبيروت، فأكرموه وشهد معهم وقعة قَلَنْسُوَة، وهي من أعمال نابلس، قتلوا فيها ألف مُسْلِم. فنعوذ باللَّه من مكر اللَّه. وما أمكنه أن يدفع عَن المسلمين بكلمة.
ثُمَّ بعث إِلَيْهِ إِسْمَاعِيل الأمير ناصر الدّين ابن يغمور ليحتال فِي القبض عَلَيْهِ بخديعة، فيُقال إنّه اتّفق معه عَلَى إِسْمَاعِيل.