للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ ابن سيرين: أمَّر عَلِيّ قيسَ بن سعد عَلَى مصر- زاد غيره في سَنَة ستٌ وثلاثين- وعزله سَنَة سبع، لأن أصحاب عَلِيّ شنعوا عَلَى أَنَّهُ قَدْ كاتب مُعَاوِيَة، فلما عُزل بمحمد بن أَبِي بكر، عرف قيس أن عليًا قَدْ خُدع، ثُمَّ كَانَ عَلِيٌّ بَعْد يطيع قيسًا في الأمر كله [١] .

قَالَ عُرُوة: كَانَ قيس بن سعد مع عَلِيّ في مقدمته، ومعه خمسة آلاف قَدْ حلقوا رءوسهم بَعْدَ موت عَلِيّ، فلما دَخَلَ الجيش في بيعة مُعَاوِيَة، أبى قيس أن يَدْخُلَ، وَقَالَ لأصحابه: مَا شئتم، إن شئتم جالدتُ بكم أبدًا حَتَّى يموت الأعجل، وإن شئتم أخذت لكم أمانًا، قالْوَا: خذ لنا، ففعل، فلما ارتحل نَحْوَ المدينة جعل ينحر كل يَوْم جَزُورًا [٢] .

وَقَالَ أَبُو تُمَيْلة [٣] يحيي بن واضح: أخبرني أَبُو عُثْمَان من ولد الحارث ابن الصِّمةٌ قَالَ: بَعَثَ قيصر إِلَى مُعَاوِيَة: ابعثْ إليَّ سراويلَ أطول رَجُلٌ من العرب، فَقَالَ لقيس بن سعد: مَا أظننا إِلَّا قَدِ احتجنا إِلَى سراويلك، فقام فتنحّى، وجاء بِهَا فألقاها، فَقَالَ: ألا ذهبتَ إِلَى منزلك ثُمَّ بعثتَ بِهَا! فَقَالَ:

أردّتُ بِهَا كي يعلم النَّاسُ أنَّهَا ... سراويلُ قَيس والْوَفودُ شُهودُ

وأن لا يقولوا غابَ قيسُ وَهَذِهِ ... سراويلُ عاديَّ نَمَتْهُ ثَمودُ

وإني من الحيٌ اليمانيٌ لسَيّدٌ ... وَمَا النَّاسُ إِلَّا سيدٌ ومَسودُ

فكِدْهم بمثْلي إن مثلي عليهمُ ... شديدٌ وخلقي في الرجال مديدُ

فأمر مُعَاوِيَة أطول رَجُلٌ في الجيش فوضعها عَلَى أنفه، قَالَ: فوقفتْ بالأرض [٤] .

قَالَ الْوَاقدي وغيره: إنه توفي في آخر خلافة معاوية.


[١] انظر كتاب الولاة والقضاة للكندي ٢١.
[٢] مسند الحميدي (١٢٤٤) ، والبخاري ٨/ ٦٤، وتاريخ دمشق ١٤/ ٢٢٧ ب.
[٣] بمثناة مصغرا. وفي الأصل «ثميلة» ، والتصويب من خلاصة التذهيب ٤٢٩.
[٤] في أسد الغابة: قال أبو عمر: خبره في السراويل عند معاوية باطل لا أصل له (٤/ ٢١٦) .
وهو في تاريخ دمشق ١٤/ ٣٣٢.