السرّ القاضي السَّنْجاريّ، وراح إلى الخَوَارَزْميّة، فوعدهم ومنّاهم، فجاءوا وكشفوا عَن سَنْجار، ودفعوا لؤلؤ عَن سِنْجار، وقيل كسروه. وكان الجواد بدمشق فضعف عن سلطنتها، وخاف من الملك العادل، فإنّه أراد القبض عَلَيْهِ، فكاتب الملك الصّالح واتّفق معه عَلَى أن يعطيه سَنْجار، والرَّقَّة، وعانَة بدمشق.
فقدِم الصّالح دمشق وتملّكها، وأقام بِهَا أشهرا من سنة ستٍّ وثلاثين، ثُمَّ سار إلى نابلس، وراسل الأمراء المصريّين واستمالهم.
وكان عمّه الصّالح إِسْمَاعِيل عَلَى إمرة بَعْلَبَكّ، فقوِيتْ نفسُه عَلَى أخْذ دمشق، وكاتب أهلَها، وساعده الملك المجاهد صاحب حمص، وهجم عَلَى البلد فأخذها، فردّ الملك الصّالح أيّوب ليستدرك الأمر، فخذله عسكره، وبقي فِي طائفةٍ يسيرة، فجهَّز الملك النّاصر دَاوُدَ من الكَرَك عسكرا قبضوا عَلَى الصّالح بنابلس، وأتوا بِهِ إلى بين يدي النّاصر، فاعتقله عنده مكرَّمًا. وتغيَّر المصريّون عَلَى العادل، وكاتبهم النّاصر، وتوثَّق منهم، ثُمَّ أخرج الصّالح واشترط عَلَيْهِ إن تملَّك أن يُعطِيَه دمشقَ، وأن يُعْطِيَه أموالا وذخائر. وسار إلى غزّة فبرز الملك العادل بجيشه إلى بِلْبِيس وهو شابٌّ غرّ، فقبض عَلَيْهِ مماليك أَبِيهِ، وكاتبوا الصّالحَ يستعجلونه، فساق هُوَ والنّاصر دَاوُد إلى بلبيس، ونزل بالمخيّم السُّلطانيّ وأخوه معتَقَلٌ فِي خِرْكاه. فقام فِي اللَّيْل وأخذ أخاه فِي محفَّة، ودخل قلعة الجبل، وجلس عَلَى كُرْسيّ المُلْك. ثُمَّ ندم الأمراء، فاحترز منهم، ومسك طائفة فِي سنة ثمانٍ وثلاثين وستّمائة.
وقال ابن واصل [١] : سار الصّالحُ نجمُ الدّين بعد الاتّفاق بينه وبين ابن عمّه الجواد إلى دمشق، وطلب النجدة من صاحب المَوْصِل لمّا صالحه، فبعث إِلَيْهِ نجدة. وكان الملك المظفَّر صاحب حماة معه قد كاتَبَه، فقدِما دمشقَ فزيّنت، وتلقّاه الجواد. ثُمَّ تحوّل الجواد إلى دار السّعادة، وهي لزوجته بِنْت الأشرف، فكانت مدّة تملّكه دمشق عشرة أشهر.