للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا بلغ العادلَ ما جرى عَلَى أخيه أظهر الفرح ودقّت البشائر وزُيّنتْ مصر، وبعث يطلبه من النّاصر فأبى عَلَيْهِ [١] .

فلمّا كَانَ فِي أواخر رمضان سنة سبْعٍ طلب الملك النّاصر دَاوُد الصّالح نجم الدّين فنزل إِلَيْهِ إلى نابلس، فضرب لَهُ دِهْليزًا والتفّ عَلَيْهِ خواصّه، ثُمَّ أمر النّاصر بقطع خُطْبة العادل، وخطب للصّالح. ثُمَّ سارا إلى القدس وتحالفا وتعاهدا عند الصّخرة عَلَى أن تكون مصر للصّالح، والشّام والشّرق للنّاصر، ثمّ سار إلى غزّة. وبلغ ذَلِكَ العادلَ فعظُم عَلَيْهِ، وبرز إلى بِلْبِيس، وسار إلى نجدته الصّالحُ إسماعيلُ من دمشق، فنزل بالغَوْر [٢] من أرض السَّواد. ثُمَّ خاف النّاصر والصّالح من جيشٍ أمامهما وجيشٍ خلفهِما، فرجعا إلى القدس [٣] . فما لبِثا أنْ جاءت [٤] النّجابون بكُتُب المصريّين يحثّون الصّالح، فقويت نفسُه، وسار مُجِدًّا مَعَ النّاصر [٥] ، وتملّك مصر بلا كُلْفة، واعتقل أخاه [٦] . ثُمَّ جهّز مَن أوهم النّاصر بأنّ الصّالح فِي نيّة القبض عَلَيْهِ فخاف وغضب وأسرع إلى الكَرَك [٧] .

ثُمَّ تحقّق الصّالحُ فسادَ نِيّات الأشرفيّة وأنّهم يريدون الوثوب عَلَيْهِ، فأخذ فِي تفريقهم والقبْض عليهم. فبعث مقدّم الأشْرفيّة وكبيرَهم أيْبَك الأسمر نائبا عَلَى جهة، ثُمَّ جهّز مَن قبض عَلَيْهِ، فذُلَّت الأشرفيّة، فحينئذٍ مَسَكَهم عن بُكْرة أبيهم وسجنهم. وأقبل عَلَى شراء المماليك التّرك والخطائيّة، واستخدم الأجناد.

ثُمَّ قبض عَلَى أكثر الخدّام شمس الدّين الخاصّ [٨] ، وجوهر النُّوبيّ، وعلى جماعةٍ من الأمراء الكامليّة، وسجنهم بقلعة صدر بالقُرب من أيلة [٩] .


[١] مفرّج الكروب ٥/ ٢٤٤.
[٢] في مفرّج الكروب ٥/ ٢٦٠ «بالغوّار» .
[٣] في مفرّج الكروب ٥/ ٢٦٠: «فرجعا إلى نابلس» .
[٤] هكذا.
[٥] مفرّج الكروب ٥/ ٢٥٧- ٢٦١ باختصار.
[٦] مفرّج الكروب ٥/ ٢٦٣- ٢٦٥.
[٧] مفرّج الكروب ٥/ ٢٧٢، ٢٧٣.
[٨] في مفرّج الكروب ٥/ ٢٧٥ «الخواص» .
[٩] مفرّج الكروب ٥/ ٢٧٤- ٢٧٦.