للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومحمد بن الهيثميّ، والعدل عليّ بن أَبِي البدر.

وأمّا الوزير ابن العلْقَمِي فلم يتم [له] ما أراد، وما اعتقد أنّ التّتر يبذلون السيف مطلقا، فإنّه راح تحت السّيف الرّافضة والسّنّة وأمم لا يُحصُون، وذاق الهوان والذُل من التّتار، ولم تطل أيّامه بعد ذلك.

ثمّ ضرب هولاكو عنق باجونوين لأنّه بَلَغه عَنْهُ أنّه كاتبَ الخليفة وهو فِي الجانب الغربيّ.

وأمّا الخليفة فقُتِل خَنْقًا، وقيل: غُم فِي بساط، وقيل: رفسوه حتى مات [١] . وقتل الأمير مجاهد الدّين الدُّوَيْدار، والشّرابيّ، والأستاذ دار محيي الدّين ابن الجوزيّ ووالداه، وسائر الأمراء والحُجاب والكبار.

وقالت الشُعراء قصائد فِي مراثي بغداد وأهلها وتمثّل بقول سِبْط التّعاويذيّ:

بادت وأهلوها معا فبيوتُهُمْ ... ببقاء مولانا الوزير خراب [٢]

وكانت كسْرةُ عسكر الخليفة يوم عاشوراء، ونزل هولاكو بظاهر بغداد فِي الرابع عشر من المحرّم، وبقي السّيف يعمل فيها أربعة وثلاثين يوما.

وبَلَغَنَا أنْ آخر جمعة خطب فيها الخطيب ببغداد كانت الخطبة «الحمد للَّه الَّذِي هدم بالموت مُشَيد الأعمار، وحكم بالفناء على أهل هذه الدّار» .

وكان السّيف يعمل فِي الجمعة الأخرى، فإنّا للَّه وإنّا إليه راجعون.

اللَّهمّ أجِرْنا فِي مُصيبتنا الّتي لم يُصَب الإسلامُ وأهلُه بمثلها.

ولتقيّ الدّين إِسْمَاعِيل بن أَبِي اليُسْر قصيدة مشهورة فِي بغداد، هي:

لسائل الدّمع عن بغداد أخبارُ ... فما وقوفك والأحباب قد ساروا


[١] انظر عن (مقتل المستعصم باللَّه) في: نزهة المالك والمملوك، ورقة ١٠٣، الحوادث الجامعة ١٥٨، أخبار الأيوبيين ١٦٦، ١٦٧، المختصر في أخبار البشر ٣/ ١٩٤، العبر ٥/ ٢٣١، دول الإسلام ٢/ ١٦٠، مختصر التاريخ ٢٧٣.
[٢] البيت في: تاريخ الخلفاء، ٤٧٢، وأخبار الدول ٢/ ١٩٨، وتحقيق النصرة ٧٠، وشذرات الذهب ٥/ ٢٧١.