للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والملك الأشرف صاحب حمص، وعدّتهم ألف وأربعمائة، فحملوا على التّتار وهم فِي ستّة آلاف فارس حملة صادقة فكسروهم وركبوا أقفيتهم قتلا حتّى أتى القتل على مُعظَمهم، وهرب مقدّمهم بَيْدرا فِي نفرٍ يسير بأسوإ حال.

وكانت الوقعة عند تُربة خَالِد بن الوليد رضي الله عَنْهُ. وتُسمى وقعة حمص «القيقان» ، لأنّ غير واحد حدّث أنّه رَأَى قِيقانًا عظيمة قد نزلَت وقت المصافّ على التّتار تضرب فِي وجوههم.

وحكى بدر الدّين مُحَمَّد بن عزّ الدّين حَسَن القيْمُرِي، وكان صدوقا، قال: كنت مع صاحب حماه فو الله لقد رَأَيْت بعيني طيورا بيضاء وهي تضرب فِي وجوه التّتار يومئذٍ. نقله عَنْهُ الْجَزَري فِي «تاريخه» [١] .

وقال أَبُو شامة [٢] : جاء الخبر بأنّ التّتار كُسِروا بأرض حمص كسرة عظيمة وضُرِبت البشائر، وكانت الوقعة عند قبر خَالِد إلى قريب الرستَن، وذلك يوم الجمعة خامس المحرّم، وقُتل منهم فوق الألف، ولم يُقتَل من المسلمين سوى رجلٍ واحد. ثُم جاءت رءوسهم إلى دمشق.

قلت: حكى أَبِي [٣] أنّهم جابوها فِي شراع، وكنّا نتعجّب من كبر تلك الرءوس لأنّها رءوس المُغْل.

قال أَبُو شامة [٤] : وجاء الخبر بنزول التّتار على حماه فِي نصف الشّهر، فقدِم صاحب حماه وصاحب حمص فِي طلب النّجدة والاجتماع على قتالهم، فنزل الملك المجاهد الحلبيّ عَلَم الدّين عن سلطنة دمشق.

قلت: بل اتّفقوا على خلْعه، وحصروه فِي القلعة، وجرى بينهم شيء من قتال، وخرج إليهم وقاتلهم، ثمّ رجع إلى القلعة. فلمّا رَأَى الغَلَبة خرج فِي اللّيل بعد أيّام من دمشق من باب سرّ قريبٍ من باب توما، وقصد بَعْلَبَكَّ، فعصى فِي قلعتها، وبقي قليلا، فقدِم علاء الدّين طيبرس الوزيريّ وأمسك


[١] المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٥٩، ٢٦٠، وهو في: ذيل مرآة الزمان ١/ ٤٣٥، ونهاية الأرب ٣٠/ ٤١، وعقد الجمان (١) ٢٦٩، وفيه «نور الدين القيمري» .
[٢] في ذيل الروضتين ٢١١.
[٣] أبي أحمد والد المؤلّف الذهبي، رحمه الله.
[٤] في ذيل الروضتين ٢١١.